طريق الحرير وقطار الشرق السريع

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

 تونس اليوم -

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

مصطفى الفقي

كلما ادلهمت الأمور، ونظر المرء حوله يجد المخاطر تحيط بالمنطقة من كل اتجاه، بدءًا " داعش " و" بيت المقدس "، وصولاً إلى " الحوثيين "، حتى جماعة " بوكو حرام "، فالشرق العربى والشمال الأفريقى، بل الفضاء الدولى كله يحمل فى أحداثه اليومية نذر الخطر الداهم والقلق المستمر.

فى مثل هذه الظروف التى تتصف بالانحدار والتدهور تذهب الذاكرة بعيدًا إلى عصر كان فيه «طريق الحرير» يربط بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى، ويفتح مسارًا للتواصل الحضارى الذى امتد لعدة قرون، وتسرح الذاكرة كذلك إلى بداية تحرك «قطار الشرق السريع» مع بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر، وهو القطار الذى يعتبر شاهدًا على أهم أحداث المنطقة وأكثرها سخونة، بدءًا من السنوات الأخيرة فى حياة «الرجل المريض» واندلاع حربين عالميتين تخللهما سقوط آخر خلافة إسلامية تحت رايات العثمانيين، ولعل الأجيال المعاصرة تتذكر رواية الكاتبة البوليسية البريطانية «أجاثا كريستى» تحت عنوان (جريمة فى قطار الشرق السريع) وهى التى ظلت تعرض على المسرح فى «لندن» لأكثر من ربع قرن متصل.

إننى أقول ذلك الآن لكى أثبت أن بناء الحياة يعلو كثيرًا على «صناعة الموت»، فمنذ عقود قليلة كان الأجداد والآباء مشغولين بالتعمير والبناء، فى وقت لم يكن فيه «الإرهاب» قد تجذر فى أعماقنا، ولم يكن لديه حضور على أرضنا، ولعلى أطرح الآن الملاحظتين التاليتين:

أولاً: إن القرن التاسع عشر قد شهد إرهاصات التنوير فى المنطقة، بينما شهد القرن العشرين محاولات التحرر الوطنى لدولها بعدما تلقى العرب وعودًا زائفة من الحلفاء ليكتشفوا فى النهاية أنهم «قد اشتروا الترام» عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، إننا أمام مشهد حزين نقلنا من «ربيع الحضارة» بآدابها وفنونها وعلومها إلى خريف التدمير وذبح الرقاب وقطف الرؤوس، بحيث عادت أوضاعنا إلى عصور الظلام، وخرجنا من دائرة التقدم الذى كنَّا نسعى إليه والتحضر الذى كنَّا نستعد له، فأين هو الآن «طريق الحرير» الذى كتب عنه المستشرقون، واهتم به الرحالة عبر التاريخ؟ وأين هو «قطار الشرق السريع» الذى توقف منذ سنوات قليلة فقط؟ إن تأمل تطورات أوضاعنا ومتابعة ما جرى لنا يشجعنا على ولوج الطريق، ويعطينا القدرة على استشراف المستقبل.

ثانيًا: لا يختلف اثنان على أهمية دراسة «النظرية العامة للمعرفة» ودورها فى تقدم الشعوب ونهضة الأمم، على اعتبار أن ذلك يضيف للوطن لا أن ينتقص منه، ولايزال الجدل مستمرًا والنقاش مستعرًا بين الأطراف المتعددة حول البيئة السياسية التى تحيط بنا والطقوس الاجتماعية التى تفصل بيننا مؤمنين بأن مشكلات العالم العربى تتمثل فى الحوار الصامت بين الأجيال والذى أخذ شكلاً ملموسًا وتصاعديًا فى السنوات الأخيرة. إن جيلنا الذى عرف الإحباطات والإخفاقات يتطلع اليوم إلى مرحلة جديدة ينسلخ بها عن ماضيه وحاضره.

إن المشرق العربى والشمال الأفريقى يمران بمرحلة غير مسبوقة فى تاريخهما، فالإرهاب يطل برأسه مستهدفًا بعض العواصم العربية، أين نحن من عصور البناء والتشيييد، بدءًا من «الأهرام» مرورًا بحفر «قناة السويس الأولى» وصولاً إلى بناء «السد العالى»؟

إننا أمام تحدياتٍ جسام ومخاطر بلا حدود وأحزان كامنة فى صدور البشر.

تلك قراءة فى سنوات كانت فيها إرادة الحياة هى الأقوى، أما الآن فإن رائحة الموت هى التى تسود!!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق الحرير وقطار الشرق السريع طريق الحرير وقطار الشرق السريع



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:44 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

فوائد المستكة

GMT 03:16 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

قائمة بـ10 أحجار كريمة تجلب الحظ السعيد

GMT 03:38 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

حيل سهلة لتغيير إطلالة الشّعر من دون قصه

GMT 02:47 2015 الخميس ,16 تموز / يوليو

اختتام بطولة شجع فريقك في نادي مسقط

GMT 01:01 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

ميرهان حسين تعلق على تشبيهها بكيم كارداشيان

GMT 03:36 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

علامة تحذير خطيرة في البول لمرض السكري النوع 2

GMT 13:50 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

منافس جديد آخر لهواتف سامسونغ من Xiaomi

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 20:31 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

5 أسباب شائعة لألم الصدر أثناء ممارسة تمرين الجرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia