إدارة أزمة الرهائن

إدارة أزمة الرهائن

إدارة أزمة الرهائن

 تونس اليوم -

إدارة أزمة الرهائن

محمد سلماوي

أظهرت عملية داعش الإجرامية الأخيرة القدرات السياسية الفائقة للرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث اتسمت قراراته فى هذا الشأن بالتفكير السديد والتحرك الفعال والاستجابة السريعة.

والملاحظة الأولى فى هذا الشأن هى أن رئيس الجمهورية لم يفقد ثباته ولا رباطة جأشه، ولم يأت حديثه للشعب بعد ساعات معدودة من إذاعة الفيديو الرهيب لقتل الرهائن المصريين مهتزاً أو فاقداً السيطرة على أعصابه كما رأينا سلفه الإخوانى فى عدة مناسبات، وتلك هى أولى صفات القيادة السياسية السليمة والواعية، فالمواطنون قد ينفعلون، بل قد ينهارون، لكنهم ينتظرون دائماً من قيادتهم السياسية أن تسيطر على مشاعرها وتحكم العقل دون إغفال للمشاعر، وهو ما كان واضحاً فى حديث الرئيس.

والملاحظة الثانية هى أن الرئيس خلال ساعات قليلة من الإعلان عن الجريمة كان قد اتخذ حزمة قرارات فعالة كان أهمها دعوة مجلس الدفاع الوطنى للانعقاد الفورى، وهو أعلى هيئات الأمن القومى المصرى، ويضم بين أعضائه أرفع القيادات العسكرية ووزير الخارجية إضافة إلى رئيس الوزراء، ويلاحظ هنا أن الرئيس لم ينفرد بالقرار فى هذا الشأن رغم ما كان سيعود عليه من التأييد الشعبى، وإنما اختار التزام القانون واتباع الدستور والعمل من خلال المؤسسات الدستورية للدولة، فصدر قرار التدخل العسكرى فى ليبيا لضرب معاقل الإرهاب هناك بطريقة مؤسسية سليمة، وكان التنسيق السياسى مع السلطات الليبية هو الأرضية الشرعية التى تم بمقتضاها تنفيذ العملية.

أما فى حدود سلطاته كرئيس للجمهورية فقد أصدر الرئيس قراره إلى وزير الخارجية بالتوجه الفورى إلى الأمم المتحدة فى نيويورك ووضع مجلس الأمن أمام مسؤولياته فى حفظ الأمن والسلام الدوليين، فى الوقت الذى جرى فيه التنسيق السياسى بشكل ثنائى مع مختلف القوى الأجنبية، وفى مقدمتها فرنسا وروسيا وغيرهما.

وربما كان أهم ما اتسم به التحرك المصرى فى إدارة الأزمة هو سرعة الاستجابة، وتلك هى الخاصية الأولى التى تقاس بها القدرات السياسية، وتعرف باسم Agility، فحين تجىء ضربة الطيران المصرى لمعاقل الإرهاب فى ليبيا وتدمير مخازن الأسلحة قبل أن تمر 12 ساعة على إذاعة فيديو الجريمة فإن فى ذلك شهادة على القدرات السياسية اليقظة للقيادة المصرية، لقد بات المواطنون أمس الأول على خبر ذبح شهداء الوطن الـ21 وصحوا على خبر الضربة الانتقامية السريعة التى سددها الطيران المصرى لأحد أهم مراكز تنظيم داعش فى الشرق الأوسط، وهى الضربة التى مازالت تنتظر التحليل المتكامل ممن يهوون حمل لقب «الخبير الاستراتيجى» ليقولوا لنا ماذا حدث بالضبط وحجم الخسائر التى مُنى بها التنظيم وتأثير ذلك على عملياته الإرهابية القادمة.

إن تلك الأزمة الحزينة التى مرت بها البلاد تذكرنا فى جانب منها بأزمة السويس عام 1956، التى كان أحد أهم أهدافها القضاء على زعامة عبدالناصر، لكنها ساهمت فى النهاية فى تأكيد هذه الزعامة وترسيخها بما أظهرته من قدرات متفوقة على إدارة الأزمة بالطريقة السليمة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة أزمة الرهائن إدارة أزمة الرهائن



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 03:58 2016 الإثنين ,21 آذار/ مارس

أهم الفوائد الصحية للزعتر أو الأوريجانو

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 11:26 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تسجيل 3 حالات وفاة جديدة بكورونا في زغوان

GMT 08:19 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

إنقاذ 9 بحارة تونسيين من موت محقق في سردينيا الإيطالية

GMT 18:22 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتعزيز إضاءة المنزل في الشتاء

GMT 14:23 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia