العلا تستكشف حلقات مفقودة من تاريخها البشري
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

في أحد أكبر مشروعات التنقيب الأثري في العالم

"العلا" تستكشف حلقات مفقودة من تاريخها البشري

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - "العلا" تستكشف حلقات مفقودة من تاريخها البشري

مدينة العلا
الرياض ـ تونس اليوم

تمتلئ مدينة العلا (شمال غربي السعودية) بكثير من الكنوز التاريخية والآثار؛ حيث مرت على هذه المنطقة ممالك في عصور مختلفة، شكلت هوية العلا، ورغم ذلك لم يكتشف منها إلا القليل فقط، لكن الهيئة الملكية تسعى لاستكشاف مزيد من الآثار عبر فرق متخصصة محلية ودولية متعددة تعمل تحت سقفهااليوم وبعد الإغلاق الذي فرضته جائحة «كوفيد 19»، يبدأ خبراء الآثار العمل على استكشاف أسرار محافظة العلا، التي قامت في العصور القديمة؛ حيث تعد إحدى المناطق التي لم تحظَ بدراسة مفصّلة تفيها حقها، الأمر الذي استدعى إطلاق مشروع ضخم، يعد

من أكبر مشروعات التنقيب الأثري في العالم تزامناً مع اقتراب حلول فصل الشتاء والاستعداد لاستقبال الزوار مجدداً؛ حيث استأنف الخبراء أعمال التنقيب الأثري في المحافظة، ما مكّنهم من التوصّل إلى بعض الحلقات المفقودة في فهم التاريخ البشري للمنطقة، ومن المخطط إعلان عن التطورات الإضافية تباعاً بهذا الشأن.وعلى الرغم من ارتباط اسم العلا بموقع الحِجر، الذي يعد أول موقع سعودي يدرج ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، فإنها تحتوي على أكثر من 27 ألف موقع أثري آخر، ومن المتوقع اكتشاف وتوثيق مواقع أخرى خلال الأشهر المقبلة.

وبفضل جهود فرق الخبراء من شركاء الهيئة كالجامعات السعودية والدولية ومعاهد البحوث والمتاحف، فضلاً عن فرق الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا (AFALULA)، بات بالإمكان حل ألغاز بعض الحلقات المفقودة في تاريخ المحافظة ومعرفة مزيد عن الأجيال التي عاشت فيها. وباقتراب عام 2021، سيتم الكشف عن مزيد من كنوز العلا التراثية من خلال عدد من الأفلام الوثائقية والتلفزيونية، بالإضافة إلى إعادة افتتاح المنطقة ليتمكن زوارها من الاستمتاع بأحد أهم المواقع الأثرية في المنطقة، والتعرف على طبيعة الإنسان الذي سكنها لأكثر من 200 ألف عام.

- تاريخ الإنسان المبكر

أثبتت الاكتشافات الأثرية التي توصلت إليها فرق «هيئة العلا» أن شعوب العلا القديمة كانت تصطاد وترعى في منطقة العلا؛ حيث امتازت الأرض آنذاك بمزيد من الخضرة والخصوبة، كما أن الاكتشافات التي تم التوصل إليها في بعض المناطق الغامضة التي لم يسبق استكشافها أكدت أن ثقافة الشعوب التي سكنت المنطقة كانت أكثر تعقيداً مما سبق اعتقاده.

وباستخدام صور الأقمار الصناعية والتصوير الجوي والمسوحات الأرضية وعمليات التنقيب والحفر بات بالإمكان تقدير عدد الهياكل الحجرية التي بُنيت في أواخر حقبة ما قبل التاريخ (5200 - 1200 ق.م) عبر مختلف المواقع في العلا؛ حيث تؤكد أحجام وأعداد تلك الهياكل، إضافة إلى أماكن انتشارها، امتلاك القبائل التي بنتها درجة من التعاون المجتمعي الذي لم يُسجل من قبل، كما تشير الأدلة إلى أنه قد تم استخدام بعض هذه المواقع في عدد من الطقوس المختلفة، الأمر الذي قد يغير التصور لطبيعة حياة هذه الشعوب القديمة كلياً.

ومن الهياكل المنتشرة في محافظة العلا ما يعرف بالمستطيلات؛ حيث يعتقد أنها أقدم أنواع الهياكل في المنطقة ويبلغ طول بعضها مئات الأمتار. كما يطلق على نوع آخر من المذيلات الحجرية اسم القلائد وتتميز باحتوائها على مدفن رئيسي يرتبط بعدد من الهياكل المتصلة معاً، «ما يجعلها تبدو كالقلادة المعلقة».

وفي تعليق لها على أعمال التنقيب في العلا، قالت الدكتورة ريبيكا فوت، مديرة قطاع البحوث الأثرية والتراث الثقافي في الهيئة: «تعود هذه الأشكال والهياكل إلى عصور ما قبل التاريخ، وتساعدنا دراستها في الحصول على لمحة على تاريخ المنطقة قبل 7 آلاف عام، حتى عدة آلاف سنة بعد ذلك. لو عملت الهياكل الصخرية كعلامات حدودية بصورة أساسية أو ثانوية لمناطق الصيد أو الرعي على سبيل المثال، فقد يعني ذلك أن الشعوب آنذاك تمتّعت بتصوّر حول مفاهيم مثل الملكية أو التملّك، فنحن في صدد الشروع في رحلة خاصة عبر الزمن من خلال جمع عينات من هذه المواقع وتسجيلها لتحديد التسلسل الزمني لهذا التاريخ القديم، فمن خلال إجراء المسوحات المكثفة وعمليات التنقيب المستهدفة في المواقع الأكثر أهمية سنحصل على معلومات قيمة ومهمة للغاية حول وظيفتها أيضاً، إذ لم يسبق أن تم اتباع هذا النهج الشامل والمستهدف في العلا».

بعد نحو 4 آلاف عام من الفترة التي شُيّدت فيها المستطيلات، وقبل أكثر من 2000 عام من الآن، جاءت نهضة المملكتين الدادانية واللحيانية في العلا بين السنة 900 ق.م و100 ق.م تقريباً؛ حيث كانت العلا آنذاك على مفترق عدد من الطرق التجارية، فتم من خلالها نقل البخور من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى مصر وسوريا وبلاد ما بين النهرين.

وحول العلاقة التي ربطت بين المملكتين الدادانية واللحيانية، يقول الدكتور عبد الرحمن السحيباني أستاذ الآثار المشارك بجامعة الملك سعود والقائم بأعمال مدير المتاحف والمعارض في الهيئة: «ليست لدينا إجابة مؤكدة حتى الآن، لكن ربما كان ذلك نتيجة زلزال أو كارثة طبيعية دفعت اللحيانيين إلى الاندماج مع الشعوب الأخرى في مكان آخر، أو ربما حدث ذلك نتيجة تحوّل سياسي نشأ أو تفاقم بعد وصول الأنباط من الشمال، الأمر الذي يثير عدداً من التساؤلات الأخرى، فنحن نعلم أن بعض قبائل اللحيانيين عاشت تحت حكم الأنباط، إذ يمكن مشاهدة نقوش وتفاصيل من العمارة اللحيانية تتكرر في العمارة النبطية».

- العصر الإسلامي

كانت العلا بعد سقوط المملكة اللحيانية العاصمة الجنوبية للمملكة النبطية؛ حيث تدل النقوش، التي توصلوا من خلاها إلى اسم «الحِجر» إلى هجرة الأفراد والعائلات من البتراء إلى العلا، كما كان حاضرها ومستقبلها جزءاً لا يتجزأ من العالم الإسلامي الجديد، واللافت في ذلك أن البلدة القديمة للعلا تضم قلعة باسم القائد موسى بن نصير، خلال القرن الثامن الميلادي.

يقول مايكل جونز، وهو مدير الحفاظ على التراث الثقافي في الهيئة، مع المجتمع المحلي والخبراء الدوليين في مجال الترميم والحفظ: «البلدة القديمة في العلا أشبه بما يسمى كبسولة زمنية، إذ يمكن للمرء فيها مشاهدة ومضات من التاريخ بمجرد السير في شوارعها؛ حيث بنيت بعض المباني فوق الأخرى، وتمت إعادة بناء نسيج البلدة وتجديده جيلاً بعد جيل، ولا يقتصر التاريخ في البلدة على الحقب القديمة، إذ تحتوي المدينة أدلة على أساليب حياة سكانها حتى مغادرتهم لها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، كآلات الخياطة وصناديق الشاي والعملات المعدنية التي تعود لأيام تأسيس السعودية. والآن، ومع تسجيلنا للتاريخ الشفوي للمنطقة يمكننا إعادة النظر في الحلقات المفقودة بين العلا الحديثة وماضيها».

وتعد العلا مكاناً لالتقاء التاريخ والتراث، ويتم حفظها بالتشارك مع المجتمع المحلي وبالتعاون مع سكانها؛ حيث يتمثل الهدف الرئيسي للأعمال التراثية والتنموية التي تقوم بها الهيئة في تنمية المنطقة وترويجها «كمتحف حي» يمكّن الزوار من التعرف على الحضارات والثقافات المختلفة التي عاشت في المنطقة، واعتبرتها وطناً لها أو بوابة تمر منها، وتستعد الهيئة لإطلاق موقع إلكتروني للمتحف الحي ليكون بوابة تصل الحاضر بالماضي، فمن خلال رابط إلكتروني سيتمكن زوار العلا من مشاهدة هذه الحلقات المفقودة بأنفسهم حتى لو لم يتمكنوا من زيارتها شخصياً، كما سيكون موقع المتحف الحي وسيلة تتمكن من خلالها فرق الآثار وحفظ التراث في الهيئة من إطلاع الناس على النتائج أول فأول بعد اجتيازها مرحلة المراجعة الأكاديمية.

قد يهمك ايضا 

تعامد الشمس على أكبر معبد منحوت بالصخر في العالم

باحثة تؤكّد أنّ أصل ثوب الـ "ريبوزو" المكسيكي التراثي عربي-أندلسي

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلا تستكشف حلقات مفقودة من تاريخها البشري العلا تستكشف حلقات مفقودة من تاريخها البشري



GMT 19:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 15:40 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 20:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

18 لاعباً في معسكر سموحة استعداداً لمواجهة وادي دجلة

GMT 08:47 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

ميهوب يؤكد أن أمم أفريقيا الحقيقية تبدأ من دور الـ8

GMT 13:05 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

مرسيدس "metris" تنافس فورد "ترانزيت كونيكت"

GMT 02:24 2016 الإثنين ,30 أيار / مايو

مشكلة قانونية دفعت WWE لتغيير قميص جون سينا

GMT 19:30 2014 الخميس ,06 شباط / فبراير

"أمازون" تستحوذ على شركة تطوير الألعاب "Double Helix"

GMT 16:18 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أهمية "جوان كيلاس" في سيارتك

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 23:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

وزير الخارجية الأردني يلتقي مسؤولة رومانية

GMT 01:58 2016 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

تعرفي على طريقة تكبير العيون بالمكياج

GMT 12:51 2021 الإثنين ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تويوتا تكشف عن سيارة bZ4X 2022 اول طراز كهربائي
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia