تشكيل نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهوريَّة في 1964

تشكيل نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - تشكيل نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات

نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات
روما ـ مالك مهنا

تواصل إيطاليا تعزيز رقمها القياسي، في تغيير الحكومات، بعد الإعلان عن التشكيلة الحادية والستين، منذ تأسيس النظام الجمهوري، في العام ١٩٤٦، والتي توزعت حقائبها، للمرة الأولى، مناصفة بين الرجال والإيطاليات .
وليس من مؤشر على أن الإصلاحات التي ينتظرها الإيطاليون، ويَعِد بها السياسيون، منذ ثلاثين عامًا ستتحقق تلك المرة، على رغم الآمال الكبيرة المعقودة على الرئيس الجديد ماتّيو رينزي (40 عامًا).
ومنذ بداية العام الماضي، والأضواء مُسلَّطة على رينزي، الذي اشتهر بصعوده الخاطف، وبحيوية دافقة، في بلد جعل من الهويني أسلوبًا ومسلكًا في معترك سياسي شديد التعقيد، ومحفوف بكل أنواع المحاذير.
ولم يكن مفاجئًا وصوله منذ أشهر إلى زعامة الحزب "الديموقراطي"، الذي تنضوي تحت لوائه تيارات وحركات من الوسط واليسار المعتدل، تتناحر باستمرار، وتنهشها منافسات وصراعات شخصية، أتاحت لسيلفيو برلوسكوني، أن يتصدر المشهد السياسي الإيطالي، على مدى عشرين عامًا، وتميّزت بتراجع اقتصادي وإداري مضطرد، وضع البلاد على شفا انهيار مالي، وصدام اجتماعي، يتفاقم على وقع الفساد وإفلاس الطبقة السياسية من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها.
لكن خطوته الأخيرة، والتي طلب فيها من قيادة حزبه التصويت على برنامجه الحكومي، ودفعت برفيقه أنريكو ليتا، إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة، بعد ساعات من ظهوره أمام وسائل الإعلام معلنًا برنامجًا طويل الأمد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، كانت مفاجئة بقدر ما كانت كاشفة لمدى طموح هذا الشاب الجامعي الإطلالة، والذي يتنقل على دراجة هوائية، لكنه يَقْدم من غير شفقة على استخدام الأساليب البلشفية، للتخلص من رفاقه وخصومه من غير أن تفارق وجهه الابتسامة.
ولم يتردد رينزي، عندما أكد بعد إعلان تشكيلة حكومته، التي يبلغ متوسط أعمار أعضائها سبعة وأربعين عامًا، على أن رهانه السياسي، يحمل من الأمل بقدر ما هو محفوف بالمجازفات والمخاطر، ولم يكن سوى مردد لما يؤرق الإيطاليين منذ سنوات عندما قال؛ "لم يعد بإمكان إيطاليا أن تنتظر، إما أن نسرع في إجراء الإصلاحات السياسية والإدارية، وتستعيد المؤسسات والطبقة السياسية ثقة المواطن، أو نحن أمام منحدر وخيم العواقب".
وبلغت البطالة في أوساط الشباب ٤٢%، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعلن إفلاسها بالعشرات يوميًّا منذ أربع سنوات، بينما تتعثر الشركات الكبرى التي قامت عليها نهضة إيطاليا الصناعية، وفي مقدمتها "فيات"، في استعادة قدراتها التنافسية في الداخل والخارج.
وتحكم "المافيا"، بأطيافها طوقها على المفاصل السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى باتت أشبه بالقدر المحتوم الذي يرى كثيرون أن لا رجاء في الخلاص منه، وأن من الأفضل لو أضفيت عليها الشرعية.
أما الفساد المالي والسياسي، فتغلغل في عمق الوعي الاجتماعي الإيطالي بحيث أن رئيس الوزراء الأسبق برلوسكوني، المطرود من مجلس الشيوخ بعد إدانته بالسجن سنتين، وحرمانه أربع سنوات من تولي أية وظيفة رسمية أو منصب في مؤسسات الدولة، لا يزال يمارس نشاطه كالمعتاد زعيمًا لتحالف اليمين، ويستدعيه رئيس الجمهورية إلى المشاورات الدستورية الممهدة لتكليف رئيس الحكومة، ويتفاوض معه الرئيس المُكلَّف في شأن البرنامج الحكومي والإصلاحات التي يعتزم إجرائها من دون أن يكون ذلك شواذاً أو خروجًا عن الأعراف.
وبشأن التنظيمات اليمينية واليسارية المتطرفة التي نشطت بقوة في إيطاليا إبان السبعينات والثمانينات، عادت إلى الظهور، والرافضون جذريًّا للسياسة بنمطها القائم، والمطالبون بشدة وإصرار بقلب المعادلة، والخروج من الاتحاد الأوروبي باتوا يحتلون ثلث المقاعد في البرلمان، ويكررون الدعوات إلى إقالة رئيس الجمهورية، والعودة إلى صناديق الاقتراع.
وضع ماكيافيلي كتابه الشهير "الأمير"، وأهداه إلى عائلة "ميديتشي"، التي كانت تحكم "توسكانة" من عاصمتها فلورانس في القرن السادس عشر، وخصص ثلثه للأساليب التي تتيح الوصول إلى الحكم، تاركًا الثلثين للطرق التي تساعد الحاكم كي يحافظ عليه.
ولا شك في أن رينزي ابن "توسكانة" وسياسيها الأبرز اليوم نهل من هذا المؤلف الذي ما زال يعتبر المرجع الأساس في "الأنتروبولوجيا" السياسية، لكن أحدًا لن يراهن على قدرته على الصمود والخروج سالمًا من الدهاليز المعتمة التي تدور فيها السياسة الإيطالية، والاهتراء الذي تتخبط فيه منذ عقود.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشكيل نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات تشكيل نصف حكومة البلشفي رينزي من الإيطاليَّات



GMT 09:14 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

إرتفاع حالات العنف ضد المرأة بنسبة 77% سنة 2021 في تونس

GMT 13:38 2021 الخميس ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تحتفي باليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة

GMT 08:45 2021 الإثنين ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

1718 قضية زواج عرفي في تونس خلال الخمس سنوات الأخيرة

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 18:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:04 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

الخطوط التونسية تعلن عن برمجة رحلتين إضافيتين إلى لندن

GMT 11:01 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

فوائد الروزماري الطبية والجمالية

GMT 16:25 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

قانون المالية التعديلي في تونس يؤكد وجود عجز بـ9،7 مليار دينار

GMT 17:34 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

وطنُ الصَفْحِ والمصالحةِ والمصافحة

GMT 17:54 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

انخفاض في درجات الحرارة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia