فيينا - العرب اليوم
حاولت الدول الكبرى، ومن بينها روسيا والولايات المتحدة، ان تطرح خلافاتها العميقة حول اوكرانيا جانبا خلال الجولة الجديدة من المحادثات حول البرنامج النووي الايراني الثلاثاء في فيينا.
وبدأ الاجتماع ظهر الثلاثاء في فيينا بين الجمهورية الاسلامية ودول مجموعة 5+1.
وهذا هو الاجتماع الثاني من اصل سلسلة اجتماعات مقررة بين ايران ودول مجموعة 5+1 هذا العام، والهادفة الى ايجاد اتفاق نهائي لحوالي عقد من المواجهة بين ايران التي تتمسك بحقها في الطاقة النووية المدنية والدول الكبرى التي تشتبه في سعيها لحيازة السلاح الذري. كما من شأن الاتفاق ان يلغي نهائيا تهديدات الحرب.
أما النقاط الحساسة فلا تزال حجم برنامج تخصيب اليورانيوم والمطالبة بإغلاق منشأة فوردو للتخصيب ومفاعل أراك لانتاج المياه الثقيلة.
وتشعر الدول الغربية بقلق خصوصا من مفاعل أراك الذي لا يزال قيد الانشاء، لأنه يستخدم البلوتونيوم الذي من الممكن أن يساهم في تصنيع القنبلة النووية.
وكان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف التقى نظيرته الاوروبية كاثرين آشتون صباحا. ووصف محيط آشتون اللقاء بـ"البناء".
وحتى اليوم، وبالرغم من الاختلافات حول سوريا وقضايا اخرى، فان القوى الست (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا والمانيا) وقفت في جبهة موحدة حول هذا الملف.
ولكن الاحداث الاخيرة في اوكرانيا انتجت الازمة الاسوأ في العلاقات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
وبعد الاستفتاء في شبه جزيرة القرم حول الانضمام الى روسيا الاحد، والذي وصفه الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بغير الشرعي، عمدت كل من بروكسل وواشنطن الاثنين الى فرض حظر سفر وتجميد اموال على شخصيات روسية واوكرانية رفيعة المستوى.
وقال مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية والذي يعمل اليوم في معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن، والذي يبدي تشاؤما حول احتمال التوصل الى اتفاق مع ايران، ان المواجهة الحالية جعلته "اكثر تشاؤما".
واوضح في حديث الى وكالة فرانس برس ان "من غير المرجح ان يضحي الروس من اجل الوحدة (الدولية) حول القضية الايرانية". واضاف انه اصبح لدى الايرانيين اليوم سبب اضافي للمماطلة في مفاوضاتها مع الدول الست.
وبدوره قال مسؤول اميركي رفيع المستوى ومطلع على المحادثات مع ايران الاسبوع الماضي ان الديبلوماسيين "يتمنون الا تخلق الازمة الصعبة جدا في اوكرانيا مشاكل لتلك المحادثات".
وحتى قبل اندلاع الازمة الاوكرانية، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ بالتفاوض مع ايران حول اتفاق ضخم يقضي بشراء موسكو للنفط الايراني مقابل قيام روسيا ببناء مفاعلين نوويين جديدين في ايران.
وسيقوض ذلك جهود واشنطن لقطع مورد الدخل الايراني الاساسي، وهي الاستراتيجية التي لجأت اليها اساسا لدفع ايران نحو طاولة المفاوضات.
وبدوره اعتبر مارك هيبز من معهد "كارنيغي للسلام العالمي" ان "اتفاق المقايضة الهائل" هذا يتيح لموسكو توسيعه قدر ما تشاء للحصول على "امتيازات اضافية من ايران".
واضاف هيبز لفرانس برس ان بامكان روسيا ايضا "ان تتصرف بطريقة احادية وتعطل المفاوضات (...) الخيار يعود لبوتين".
وحتى في غياب المشاحنة الدولية حول اوكرانيا، فان التوصل الى اتفاق نهائي بين ايران ودول مجموعة 5+1 سيكون صعبا.
وبموجب اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر، فان ايران جمدت اجزاء اساسية من برنامجها النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات ووعد بعدم فرض عقوبات جديدة. وبالرغم من ان الاتفاق قابل للتمديد، الا ان مدته تنتهي في 20 تموز/يوليو المقبل.
ولم تفكك ايران أي قطعة من معداتها النووية بشكل ثابت ولا يزال الجزء الكبير من العقوبات المفروضة عليها من الامم المتحدة والدول الغربية ساري المفعول، ويخسرها مليارات الدولارات من عائداتها النفطية اسبوعيا.
وتريد مجموعة 5+1 من ايران اليوم ان تقلص نهائيا، أو لفترة زمنية طويلة، نشاطاتها النووية، بحيث يكون من الصعب عليها في المستقبل تطوير السلاح النووي.
ويتطلب ذلك من ايران تخفيض عدد اجهزة الطرد المركزي لديها الضرورية لتخصيب اليورانيوم، الذي من الممكن ان يستخدم لاهداف سلمية ولتطوير القنبلة الذرية. كما يتطلب منها الموافقة على عمليات تفتيش دولية موسعة لنشاطاتها.
ولكن وحتى لو قوبلت ايران برفع العقوبات عنها، يبقى من غير المرجح ان يقبل المحافظون المتشددون والمقربون من المرشد الاعلى آية الله عي خامنئي بتلك القيود.
كما انه سيكون من الصعب اقناع المحافظين الجدد في اميركا واسرائيل (القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط وغير المعلنة) باي اتفاق تحافظ ايران من خلاله على بعض بنيتها التحتية النووية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الايراني في منظمة الازمات الدولية علي فايز ان "الاتفاق النهائي لن يلبي مطالب الطرفين كاملة".
واوضح انه "على الغرب ان يتعايش مع عدد من اجهزة الطرد المركزي الايرانية (لانتاج المواد النووية) اكبر مما يعتبره مناسبا، اما ايران فعليها أن تقبل برفع للعقوبات اقل مما تتمنى".
أ ف ب
أرسل تعليقك