جدران النفس في قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

"جدران النفس" في قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - "جدران النفس" في قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا

قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا
بيروت - فادي سماحة

يقيم الشاعر بيننا دون إدراك منا، وربما للمرة الألف، نقول بابلو نيرودا، يدخل يومياتنا كأنه أحدنا، نستدعيه مثالا للنضال عن طريق نشيده العام ونستدين كلماته عاشقا أو معشوقا، مسحوقا أو مزهوا في حلبة الافتتان. في غمرة سواد حالك، في إحدى الليالي التي وثّقها بقصيدة، كتب نيرودا الأبيات الأكثر حزنا، إنه يأتي إلى شيء من المناجاة عينها، في ثلّة من القصائد المكتشفة حديثا، وعددها يحاذي العشرين. يحلّ البعض رديفا لـ"عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة"، كتابه الأثير حيث تمرّن على السكن داخل جدران النفس الولهة، وحيث الحب فراق. تستدرجنا اللقيّة الشعرية إلى التحليق والحلم، إلى حيث الحبّ على حاله، عصيّا على الالتئام ليصير أكثر صعوبة وتاليا أكثر استحقاقا.
جميلة هي رحلة نيرودا كيفما جاءت، أقاتمة هرمسيّة أم ساعية إلى تقشير الغطاء العازل الضاغط على المفردات. لم يكن بلوغ أكبر عدد من القراء هدف الشاعر التشيلياني، لا قدرة لنا على الشكّ في ذلك ولا نتجاسر عليه حتى. بيد أن ذلك لا ينفي حقيقة أنه صار من حيث لم يرغب على الراجح، إسما عزّ حضور مثله في قواميس الشعر. جُبِل نيرودا بالبوح ولم يملك القدرة على التنصّل منه حتى، لوثة أمرَّها لنا على نحو تلقائي. والحال أن رفّ القصائد المنبعث للتو، يثبّت ما حفظناه. إحدى وعشرون قصيدة غير منشورة ستصدرها دار "سايكس بارال" ومقرها برشلونة في نهاية العام الحالي، لتواكب الذكرى العاشرة بعد المائة لولادة الشاعر، والذكرى التسعين لولادة "عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة". يحدّ القصائد زمنيا طرفان، 1956 و1972 في حين رصدت في معظمها إلى ماتليدي أوروتيا، الزوجة. ماتليدي، سيدة شخّص نيرودا صلته بها بكلمات قليلة تشبه تصريح طفل متذمّر يتمسّك بسراب يعي أنه لن يدوم، لأنه سيكبر لا محالة. كتب نيرودا يوما: "على رغم أن الأمر لا يخصّ أحدهم، غير أننا سعيدان". سعادة وعي أن الأعاصير العشقية شلّعتها من هنا وهناك، لتجيء ارتداداتها شعرية في كثير من الأحيان. لكن يتبدّى أن ماتيلدي رجعت بعد وفاة نيرودا إلى نواة قصيدته، تَشَفِّيا ربما.
ليس مجرد كلام في الهواء أن نتحدّث، عند محترفي القصيدة المكتملة، عن استحالة أن يحترق الخيط الشعري ويصير رمادا. ثمة حركة انبعاث مستمرة، في اللحظات غير المنتظرة، وإنما المواتية دوما. في أحد الصناديق التي حوت محفوظات من نصوص أعمال نيرودا صُنّفت "منشورات" من باب الخطأ، وإبّان عملية جرد دقيقة اضطلعت بها "مؤسسة بابلو نيرودا" وجدت مجموعة القصائد غير المعروفة وغير الصادرة قبل اليوم. في ركن منسيّ، بزغت قصاصات ورقيّة على مستوى رفيع، تعيد إستلهام تجربة شعرية في ألقها. ذلك أن القصائد التي خرجت إلى العلن ليست تفصيلا في مسار، إنما ذات صلة وثيقة بالتطور التأليفي نظرا إلى كتابتها إبان مرحلة الاختمار التأليفي عند الشاعر، في المرحلة التالية لـ"النشيد العام". ها هنا نحو عشرين قصيدة لنيرودا، بعضها مكتوبة بالآلة الطابعة والبعض الآخر بخطّ اليد، تأتي من بعيد بلا شك، غير أنها تأتي من الأعلى خصوصا.
تعود إحدى هذه القصائد إلى 1964، عام صدور "نصب إيسلا نيغرا التذكاري"، مجموعة نيرودا الشعرية الذاتية والفسيحة في قصائدها المائة، أنجزها عند بلوغه عقده السابع، بدءا من "إيسلا نيغرا" أي "الجزيرة السوداء" المنطقة التي سمّاها المنزل. تهيم هذه القصيدة المكتشفة في الصندوق رقم 52، بين الضياع العشقي وبين إعادة الاحتلال العاطفي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدران النفس في قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا جدران النفس في قصائد غير منشورة للشاعر بابلو نيرودا



GMT 15:44 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

20 طفلاً يرافقون وزيرة المرأة التونسية في معرض الكتاب

GMT 18:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الشؤون الدّينية التونسية تناقش حوكمة ملفي الحج والعمرة

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 20:47 2020 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 10:05 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

أزياء Azzi & Osta خريف وشتاء 2016 - 2017

GMT 18:28 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

الكشف عن سبب غضب جوميز في لقاء "الحزم"

GMT 05:45 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الحارس عبدالله العنزي احتياطيًا في قمة "النصر" و"الأهلي"

GMT 19:23 2012 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

مبارك يغادر مستشفى سجن طرة إلى "المعادي العسكري"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia