الثقافة والسياسة

الثقافة والسياسة

الثقافة والسياسة

 تونس اليوم -

الثقافة والسياسة

مصطفى الفقي

يبدو لى أحيانًا أن هناك خصومة تاريخية بين «الثقافة» و«السياسة»، نعم.. لقد ظهر بعض الساسة من المثقفين والأدباء، إذ إن «ونستون تشرشل» داهية السياسة البريطانية حاصلٌ على جائزة نوبل فى «الأدب»! كما أن رئيس جمهورية «التشيك» الأسبق كان أديبًا مرموقًا، وهناك حالاتٌ متعددة يمكن القياس فيها على العلاقة بين «الثقافة» و«السياسة» من خلال حاكمٍ مثقف أو زعيمٍ نال قسطًا وافرًا من المعرفة العامة وضرب بسهمٍ فى الفكر الإنسانى، ولكن ليست هذه هى القاعدة على الإطلاق، إذ إن معيارى الوصول للسلطة هما فى الغالب استناد من يصل إما إلى شعبيةٍ تؤهله لذلك أو إلى قوةٍ عسكريةٍ أو مالية تدعمه فى الوصول ولو خارج إطار الإجراءات الديمقراطية السليمة، أقول ذلك لأن العامل الثقافى أضحى هو العامل المسيطر فى العلاقات الدولية المعاصرة، ولو تأملنا المجتمع الدولى اليوم فسوف نجد الأطروحات الأساسية فى الفكر السياسى الحديث تستند على ظواهر ثقافية بالدرجة الأولى، ولعلنا نوضح ذلك فى الملاحظات التالية:

أولاً: إن «العولمة» التى تعنى انسياب الأفكار والسلع والخدمات بين الدول دون اعتبارٍ للحواجز والحدود هى فى حقيقة الأمر ظاهرة ثقافية بالدرجة الأولى، لأنها اعتبرت العالم قرية كونية يفتح كل طرفٍ فيها أبوابه للآخر فى إطار المفاهيم العالمية المشتركة ولا يتأتى ذلك ويتحقق إلا بالانصهار الثقافى والتقارب الفكرى، ولعلنا نلاحظ هنا أن «العولمة» فتحت الأبواب للأفكار والسلع والخدمات ولكنها لم تفتح ذات الأبواب لحركة البشر فلم نعرف قيودًا على حرية الانتقال والهجرة المنظمة مثلما هو الأمر الآن، فالغرب انتقائى بطبيعته يختار من الأطروحات ما يناسب مصالحه ويبعد عنه ما يتعارض معها، لذلك فإن «العولمة» ظاهرة ثقافية بالدرجة الأولى.

ثانيًا: إن «صراع الحضارات» هو الآخر ظاهرةٌ ثقافية جرى تصديرها من الفكر الغربى فى العقدين الأخيرين وهى تحمل دلالة مباشرة لمواقف تبدو عكسية مع مفهوم «العولمة»، فإذا كانت الأخيرة تعنى الانسياب والانفتاح فإن «صراع الحضارات» يشير إلى الصدام والمواجهة، وهو ذاته الغرب الذى صدَّر المفهومين فى ذات الفترة تقريبًا فالمهم لديه هو رعاية مصالحه واستنزاف غيره، إن نظرية «صراع الحضارات» هى تعبير ثقافى بالدرجة الأولى لأن مفهوم «الحضارة» هو أنها (نسقٌ ثقافى متميز) وحين تصبح فى صدامٍ مع غيرها فإن هذا الصدام يعنى المواجهة الحادة على المستوى الثقافى بالدرجة الأولى، ولا يختلف اثنان على أن «صراع الحضارات» هو ظاهرة ثقافية من كافة الجوانب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة والسياسة الثقافة والسياسة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:04 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 19:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

"كلير" تُوضّح حقيقة عرض فريق "ويليامز" للبيع

GMT 02:40 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مايا دياب وشقيقتها يتحولان إلى عجائز في "حكايتي مع الزمان"

GMT 13:13 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

استنفار أمنى في طرابلس لمنع "مظاهرات إقطيط"

GMT 00:59 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد سليم ينتهي من تسجيل آخر أغاني "إنسان مرفوض"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia