اغتيال أسلوب حياتنا

اغتيال أسلوب حياتنا!

اغتيال أسلوب حياتنا!

 تونس اليوم -

اغتيال أسلوب حياتنا

عماد الدين أديب

باريس عاصمة النور لم تعد هى التى يعرفها أهلها ويعرفها العالم!

منذ أسبوع تعيش باريس بلا مذاقها الخاص الذى يبدأ بفنجان قهوة فرنسى وقطعة «كرواسون» ساخنة وقراءة صحيفة محلية وينتهى بعشاء مبكر حول مائدة الأسرة.

كل المقاهى الجميلة تنعى روادها خوفاً من حزام ناسف أو طلقات مدفع كلاشينكوف من تكفيرى فَقَد عقله.

مقهى «الديماجو» الذى كان يشهد فى أركانه حوارات جان بول سارتر وأنصار مدرسة الوجودية فَقَد حروف الكلام بعدما خلت منطقة السان جيرمان من زوارها.

مقهى «الفوكيت» الشهير بشارع الشانزليزيه الشهير خلا من السائحين بعدما ضُربت حركة السياحة فى مقتل.

مقهى «الآريمبه» الذى كان يشهد لقاءات أبطال المقاومة السرية ضد هتلر أثناء احتلال النازى للعاصمة الفرنسية أغلق أبوابه حداداً على ضحايا عمليات باريس.

مقهى «كافيه دى لابيه» فى ميدان الأوبرا الذى عاش على مقاعده أستاذنا توفيق الحكيم وكتب فيه رائعته «عصفور من الشرق» فقد رواده من فندق «جراند» الشهير.

دور العرض السينمائى ومسارح باريس الكبرى فقدت 80٪ من زبائنها خلال الأسبوع الماضى مسجلة بذلك أقل مداخيل لها منذ الحرب العالمية الثانية.

الحزن يخيم على 105 كيلومترات مربعة هى مساحة باريس وعلى الـ20 دواراً (ضاحية)، وعلى تعداد سكانها البالغ 2٫5 مليون نسمة.

حقق الإرهاب هدفه الأكبر وهو تغيير نمط الحياة للفرنسيين.

وحتى تعرف حجم هذا الأثر، علينا أن ندرك أن أهم مكاسب الإنسان الأوروبى عقب الحرب العالمية الثانية هى أنه يتمتع بتجربة مطلقة لا يقيدها إلا القانون، ويمارس أكبر قدر من الاستهلاك قدر طاقته ما دام يدفع ضرائبه قبل أى شىء.

حرية التعبير، وحرية الاستهلاك فى ظل القانون هما جناحا ما يعرف بالإنجليزية «ذى واى أوف لايف» أى أسلوب الحياة.

أسلوب الحياة الغربية هو الهدف الأول لجنون داعش التى تدرك عن فهم أهمية إفساد ذلك على حياة الفرنسيين.

العقاب الأكثر قسوة والأكثر فداحة هو حرمان الإنسان الأوروبى من مكاسب الحياة فى ظل ما يعرف باسم «الديمقراطية الصناعية».

أخطر ما يوجهه الإرهابى التكفيرى هو قتل الابتسامة فى حياة من يعشق ثقافة الحياة.

إنه صراع مرير بين من يؤمنون بثقافة الموت القائمة على القتل ومن يؤمنون بثقافة الحياة القائمة على إعمار الأرض والبشر.

هؤلاء القتلة يؤمنون إيماناً عميقاً بأن قتلاهم فى الجنة وقتلى أعدائهم فى النار.

إنها معركة فى العقل والنفس والضمير قبل أن تكون معركة رصاص أو قاذفات قنابل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال أسلوب حياتنا اغتيال أسلوب حياتنا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 04:01 2015 الأربعاء ,15 تموز / يوليو

هجر السعودي يتعاقد مع مهاجم النهضة لمدة موسمين

GMT 03:24 2013 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

تصوير "العراف" مستمر في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia