ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده

ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده!

ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده!

 تونس اليوم -

ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده

عريب الرنتاوي

في السجال الدائر بين السلطة وحماس، بدا الرئيس محمود عباس وحيداً في خوض غمار المعركة ... غاب كبار القوم عن الشاشات والأثير، وتركت الساحة لصغار الناطقين، الذين ما أن يظهر أحدهم على إحدى الشاشات، حتى يخسر الرئيس نفراً من أصدقائه والمتعاطفين معه.
غاضباَ، حانقاً وقلقاً ... هكذا بدا الرئيس في لقاء الدوحة الثلاثي مع أمير قطر وخالد مشعل، حتى أنه أشار بأصبعه إلى أنفه أكثر من مرة، في تعبير رمزي عن “بلوغ السيل الزبى” ... لكن السياسة لا يمكن أن يصنعها الغضب والحنق والقلق ... والرئيس من موقعه، لا يجوز أن يتصرف كطرف وفريق، فهو رئيس الشعب الفلسطيني كله ... ومن يضع نفسه في مكانة الخصم المباشر لفريق منهم، عليه أن يتوقع ردوداً قد لا ترضيه، ولا ترضي أحداً.
في الحديث عن أسباب غضب الرئيس، يمكن القول إنها مركبة: منها ما يتعلق بفشل خيار “المفاوضات حياة”، الذي راهن عليه طويلاً، حتى لا نقول إنه كان، وربما لا يزال، خيار عمره السياسي ... هذا طريق مسدود، مسدود، مسدود ... لكن الرئيس حتى وإن أدرك ذلك واقتنع به، ليس في وضع سياسي أو شخصي يمكنه من انتهاج طريق آخر ... جُل ما بوسعه فعله، هو أن يتنحى تاركاً لجيل جديد من القادة، حمل الراية وشق الطريق.
والرئيس حانق، لأنه حسب قوله، “لا يعرف من أين يتلقى الضربات”، من إسرائيل والولايات المتحدة اللتين سدتا في وجهه سبل الخيار السياسي التفاوضي... من حماس التي يعتقد بأنها تآمرت عليه مرتين في غزة، تارة بالانقلاب وأخرى بالشراكة مع محمد الدحلان لقتله، وثالثة في الضفة الغربية كما قرأ تصريحات صالح العاروري واعترافاته في اسطنبول... من فتح، التي تبدو كفيل تساقطت أنيابه ولم تعد أقدامه قادرة على حمل جسده الثقيل ... دع عنك الأنظمة العربية التي تتقاذف بأقدامها “الكرة الفلسطينية” على ملعب صراع المحاور واصطراع الأجندات.
والرئيس قلق، حتى أنه بات يشك بمن حوله ... ليست حماس ولا الدحلان وحدهما، من يتآمرا عليه مدعومين علناً  وسراً من عواصم عربية معروفة ... بل هناك متآمرون آخرون قرأنا أسماءهم قبل أيام، من قلب الدائرة الضيقة المحيطة به ... وقد يكون سلام فياض الذي داهمت الشرطة مكاتب تابعة له، وأجرت تحقيقات بشبهة التآمر، أحدهم وليس جميعهم ... في مثل هذه الأوضاع، لا يمكن للقيادة أن تعمل بصورة صحية، ولا يمكن للقرار السياسي أن يكون متوازناً وموزناً.
والحقيقة أننا لا نرى مبرراً كافياً لموجة القلق والغضب والحنق التي تجتاح الرئاسة هذه الأيام ... فقيادة فتح والسلطة والمنظمة، استوت للرئيس ودانت له، وبات هو الآمر الناهي ... والرئيس يجمع بين يديه، من الصلاحيات، ما عجز ياسر عرفات بكل إرثه ونهجه عن جمعه ... وما بدا ارتباكاً في إدارة ملف الحرب الثالثة على غزة، وضعفاً أصاب السلطة والرئاسة، تحول في مفاوضات القاهرة واتفاق التهدئة وما بعده، إلى “حب صافٍ” في طاحونة الرئيس والرئاسة ... فلماذا الغضب والخشية والقلق والتحسب والحالة كهذه؟
تابعنا وغيرنا، حرب الاتهامات المتبادلة بين السلطة وحماس ... عن فريق السلطة، لم نر أحداً غير الرئيس يطلق النار بغزارة (رشاً ودراكا)، ما يعني أننا أمام واحد من سببين: إما أن “ليس للرئيس من يساعده”، وإما أن مساعدي الرئيس ومستشاريه الكثر، لا يوافقونه الرأي ويؤثرن النجاة والسلامة أمام طوفان التعاطف الشعبي مع غزة والمقاومة وحماس، وهو أمر لا يمكن لعاقل إنكاره، أقله والحرب لمّا تضع أوزارها بعد ... بل وحتى حين كان اللقاء في حضرة الأمير القطري، رأينا مساعدي الرئيس يتدخلون لإنقاذ الموقف وتهدئة النفوس، لكأنهم وسطاء مع حماس، وليسوا أعضاء في وفد الرئيس، في حين رأينا مساعدي خالد مشعل، يتنطحون لمقاطعة الرئيس والتعليق على ما يقول، واحياناً بصورة تستفز من لا يزال يعتقد بأن للشعب الفلسطيني قيادة واحدة ومرجعية واحدة ورئيسا واحدا ... مثل هذا الوضع، لا يليق بالعمل الفلسطيني خصوصاً في هذا المنعطف الحاسم.
ليس لدى الرئيس من خيارات، سوى قيادة موجة جديدة من الحوار الوطني، وفي إطار منظمة التحرير و”إطارها القيادي المؤقت” لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وقبلها لترتيب بيته هو بالأساس ... ليس أمام الرئيس سوى وقفة تأمل أمام دروس الحرب الأخيرة والمفاوضات الأخيرة، لاجتراح استراتيجية بديلة، حتى وإن كانت تقتضي تسليم الراية لجيل جديد من القيادات ... لن يقبل الشعب الفلسطيني تحت أي ظرف، بالعودة إلى المفاوضات الفارغة من أي مضمون ... لن يقبل الشعب الفلسطيني وتحت أي اعتبار أن تفلت إسرائيل من العقاب ... لن يقبل الشعب الفلسطيني وتحت أية ذريعة، أن تذهب كل هذه التضحيات هدراً.
لكن ما نشاهده ونسمعه، همساً وتصريحاً، يشير إلى أننا قد نكون أمام حلقة جديدة من سياسة بث الأوهام والتهدئة بالجرعات، وهي سياسة لطالما مكّنت إسرائيل من فرض الوقائع على الأرض، والإفلات من قبضة العزلة والعقوبات والمحاسبة ... ولا يهم، إن كانت الخطة السياسية الجديدة على ثلاث مراحل أو مرحلتين، أو إن كان هدفها تقطيع المرحلة الفاصلة عن الانتخابات النصفية للكونغرس،وربما انتظار نتائج الحراك السياسي والحزبي في إسرائيل ... نحن الخاسرون دوماً، إن لم نبنِ على دروس هذه الحرب وعبرها، بعقل بارد وإرادة حارةٍ جداً، لا مطرح فيها للغضب والحنق والقلق، فهل نحن فاعلون؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده ليس لدى الرئيس مــن يـسـاعــده



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 23:48 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

" مريومة " من أفخم المطاعم التقليدية في الجزائر

GMT 21:11 2012 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

آزورا" سفينة سياحية بريطانية مناسبة للرحلات العائلية"

GMT 18:38 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريماس شريف تحصد ذهبية بطولة الجمهورية للجمباز
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia