النموذج الأردني في الاحتواء

النموذج الأردني في الاحتواء

النموذج الأردني في الاحتواء

 تونس اليوم -

النموذج الأردني في الاحتواء

عريب الرنتاوي

راهن كثير على “التدهور المطّرد” في علاقات الحركة الإسلامية بالنظام السياسي الأردني، بل إن كثيرا من “المتطوعين” ذهبوا أبعد ما يكون في اجتراح “السيناريوهات المتشائمة” لمستقبل هذه العلاقة، بل والتحريض على أكثرها سوءاً، اعتقاداً منهم أنهم بذلك “يُسعدون” الحكومة ومؤسسات صنع القرار في الدولة، فإذا بهم في كل مرة، يخرجون من “المولد بقليل من الحمص”.
عند اعتقال زكي بني ارشيد على خلفية التصريحات الانتقادية لدولة الإمارات، والتي رأى قادة إسلاميون أنها انحرفت بلغتها القاسية عن مضمونها وجاءت بغير ما كان يُرتجى منها، تجددت “حملات التبشير” بقرب انهيار العلاقة مع الإخوان كحركة إرهابية ... لقاء قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي ورئيس الحكومة، بدد هذه “الأجواء”، وأعاد التأكيد مجدداً على “خصوصية السياق الأردني”، والميل الدائم والمتبادل لاحتواء الأزمات بدل تفجيرها.
لا يعني ذلك للحظة واحدة، أن العلاقة بين الجماعة والحكومة قد دخلت في “شهر عسل” جديد، يذكر بماضي التحالف الوثيق بين الجانبين ... فمنذ العام 1994 (المعاهدة) بشكل خاص، والافتراق السياسي يباعد ما بينهما، وبالكاد تلتقي المواقف والتوجهات حول قضية “جوهرية” واحدة، بيد أننا نتحدث هنا عن “توافق ضمني” أو “اتفاق جنتلمان” غير مكتوب، على إدارة الخلاف ومنع الانزلاق إلى أي من السيناريوهات السوداء المعمول بها  سواء في دول الربيع العربي أو في تلك الدول التي لا يبدو أنها مرشحة لمغادرة خريفها، قريباً على أقل تقدير.
لسنا مرغمين على “استعارة” أو “استيراد” أيٍ من “النماذج” التي حكمت أو تحكم العلاقات بين الأنظمة وجماعات الإخوان بخاصة والجماعات الإسلامية بعامة ... لدينا نموذجنا الخاص، الذي أظهر جدواه وفاعليه على مر السنين والعقود، وأثبت أنه الأقل كلفة من بين جميع السيناريوهات المعمول بها في المنطقة.
في مصر، ثمة صراع حاد، لم يضع أوزاره، واتخذ اتجاهاً عنفياً منذ 16 شهراً، إذْ لم يعرف البلد الشقيق الاستقرار والراحة، جراء تفشي خطاب الاقصاء المتبادل، وارتفاع سقف الشعارات والمطالبات والرهانات، ودخول البلاد في مرحلة استقطاب خطيرة، تتغذى بالتطورات الإقليمية المحيطة بنا ... وما لم تجر مراجعات جدية، من قبل الدولة والجماعة، فإن مصر لن تشهد استقراراً أو عودة  للحياة الطبيعية أقله في المدى المرئي والمنظور.
لسنا في الأردن في وضع مشابه لأي  نموذج في المنطقة... فلا النظام السياسي الأردني نظاماً إقصائياً أو إلغائياً دموياً، ولا المعارضة الإسلامية من هذه الطينة كذلك، وفي مطلق الظروف فإن المعارضة في مختلف البلدان، تتشكل على صورة وشاكلة النظام إلى حد كبير، فإن كان دموياً جاءت ميّالة للعنف والإلغاء، وإن كان “احتوائياً”، جاءت المعارضة بطبعة معتدلة وسلسلة إلى حد كبير، وهذا ما يفسر جزئياً، نجاح الأردن في اجتياز واحدة من أهم المحطات في تاريخه، بأقل قدر من العنف والتصعيد، وأقصد بها سنوات الربيع العربي الأربع الفائتة.
ستستمر الخلافات بين الحكم والحكومة من جهة والجماعة والحزب من جهة أخرى، وستشهد العلاقات مراحل مد وجزر، لكن التجربة الأردنية في الاحتواء وإدارة الخلافات واستيعابها، ستظل تعطي نتائج إيجابية، ما لم تتوفر الفرصة لأصحاب الرؤوس الحامية، هنا وهناك، لفرض أجنداتهم وأساليبهم، وهذا ما نستبعد حدوثه، وربما لسنوات عديدة مقبلة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النموذج الأردني في الاحتواء النموذج الأردني في الاحتواء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:04 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 19:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

"كلير" تُوضّح حقيقة عرض فريق "ويليامز" للبيع

GMT 02:40 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مايا دياب وشقيقتها يتحولان إلى عجائز في "حكايتي مع الزمان"

GMT 13:13 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

استنفار أمنى في طرابلس لمنع "مظاهرات إقطيط"

GMT 00:59 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد سليم ينتهي من تسجيل آخر أغاني "إنسان مرفوض"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia