«عاصفة حزم»  دبلوماسية

«عاصفة حزم» ... دبلوماسية

«عاصفة حزم» ... دبلوماسية

 تونس اليوم -

«عاصفة حزم»  دبلوماسية

عريب الرنتاوي

على مسارات ثلاثة، تتحرك الدبلوماسية السعودية بنشاط، جنباً إلى جنب مع أوسع تحرك عسكري تعرفه المملكة في تاريخها... المسار الأول، يمني، حيث تصر الرياض على استضافة ورعاية “مؤتمر الحوار اليمني” غير مكترثة بممانعة الفريق الأخر عن المشاركة فيه، وهي سعت في “تحصين” رغبتها هذه بتضمينها في قرار مجلس الأمن، وفي الإعلان الأخير الصادر عن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ... لا ندري كيف ستتعامل الأطراف اليمنية (جماعة صالح والحوثيون) ومن خلفهم إيران، مع هذا المطلب .

المسار الثاني، سوري، وفي الأنباء أن الرياض تسعى مع حلفائها من المعارضات السورية وأصدقائها في الإقليم وشركائها في مجلس التعاون، لاستضافة مؤتمر موسع للمعارضة السورية ... حتى الآن، لا نعرف ما المقصود بالموسع، وهل ستنضم إليه المعارضة المسلحة أم لا؟ ... هل سيشارك فيه “إخوان” سوريا أم لا؟ ... هل ستدعى “النصرة” أو من يمثلها للمؤتمر  أم لا، لاسيما في ضوء الانفتاح السعودي – القطري – التركي غير المسبوق على النصرة مؤخراً؟ ... هل سيكون المؤتمر المنشود بديلاً عن “موسكو 3” أو عن حوارات القاهرة، هل قررت المملكة الاستحواذ على ورقة “المعارضة السورية”؟، وما الذي ستكون عليه مواقف الأطراف الأخرى من روسيا مروراً بمصر وقطر وانتهاء بتركيا؟

المسار الثالث، فلسطيني، كشف عنه إسماعيل هنية في خطبة الجمعة (أمس)، ومن مسجد يقع في الحي السعودي في رفح (هل هي صدفة)، ومما قاله إن المملكة بصدد استئناف دورها للتوسط بين الفلسطينيين لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس؟ ... هل تنوي السعودي الذهاب إلى “مكة 2” بعد فشل “مكة 1”؟ ... هل تم التشاور مع مصر، “الراعي الرسمي” لملف المصالحة والحوار الفلسطيني؟ ... هل آن أوان استقبال وفد رفيع من حماس في الرياض، قبل المصالحة وفي سياق التحضير لها، وماذا عن مواقف خصوم حماس من الفلسطينيين والعرب، وبالذات في مصر والإمارات على وجه التحديد؟ ... هل ستكون القاهرة مرتاحة لدخول الرياض على “خطوطها” على هذا النحو؟
على أية حال، يبدو أننا مقبلون على مرحلة مليئة بالمفاجآت السعودية، بعد سنوات وعقود من الركود والرتابة ... “عاصفة الحزم” جاءت مفاجئة بقدر كبير لكافة المراقبين، والمؤكد أنها أخذت دولاً وحكومات على حين غرة ... التغييرات الداخلية، غير مسبوقة في تاريخ المملكة، من حيث شكلها ومضمونها وسرعة إنجازها وعمق تأثيراتها، وهي بدورها تأخذ الجميع على حين غرة ... الحراك الدبلوماسي، إن صحت التقديرات بشأنه، سيكون له وقع المفاجأة على أصدقاء المملكة وحلفائها، قبل خصومها ومجادليها.

ليس متوقعاً أن تثير التحركات السياسية السعودية على أي من هذه المسارات الثلاثة، أزمات عميقة في علاقات المملكة مع شقيقاتها الخليجيات أو مع حلفائها في المنطقة العربية والإقليم ... لكن المؤكد أن عواصم صغرى وكبرى، لن تكون مرتاحة لهذه “العاصفة الدبلوماسية” التي تتهدد أدوارها ونفوذها في “حدائقها الخلفية” و”المجالات الحيوية” التقليدية لسياساتها الخارجية.

تركيا استثمرت كثيراً في المعارضات السورية، المسلحة والسياسة، وهي تحملت أعباء كثيرة جراء اندفاعتها في دعم المعارضة وتسهيل مرور المال والرجال والسلاح لجميع فصائلها بمن فيها داعش والنصرة ... هل تقبل تركيا، بأن ينتقل زمام قيادة المعارضة السورية من إسطنبول وأنطاكية إلى جدة والرياض؟

في المقابل، ظلت غزة على مدى التاريخ، ملعباً خلفياً للدبلوماسية المصرية، والقاهرة تولت “الوكالة الحصرية” لملف الحوار والمصالحة، وهي تكاد تضع حماس، إن لم تكن قد وضعتها، في صدارة لائحة خصومها جنباً إلى جنب مع “أنصار بيت المقدس”... القاهرة المدينة للرياض ببضع عشرات المليارات من الدولارات والتي من دونها ما كان لاقتصادها المريض أن يغادر غرفة الإنعاش (إن كان غادرها)، القاهرة ستبتلع على مضض مثل هذا التطور الناشئ، وستنظر إليه بكثير من الريبة، وهي التي بالكاد نجحت في ابتلاع دورها “الثانوي” في صنع قرار الحرب والسلام زمن “عاصفة الحزم”، وظلت في مختلف مراحل العملية جالسة في المقعد الخلفي إن لم نقل على مقاعد المتفرجين.

أما في الموضوع اليمني، فإن مشكلة الرياض لن تكون مع حلفائها وأصدقائها كما في المسارين السوري والفلسطيني، بل مع خصومها، اليمنيين والإيرانيين، الذين سيعادل قبولهم برعاية الرياض واستضافتها للمؤتمر اليمني “الاستسلام الكامل” ... وهذا ما لا يبدو أن ثمة في الأفق ما يشير إلى احتمال حدوثه، وربما هذا ما دفع واشنطن، وبعد أيام قلائل من صدور قرار مجلس الأمن بخصوص اليمن، للحديث عن “حوار غير مشروط”، بـ “رعاية أممية” وليس سعودية، وفي عاصمة محايدة: جنيف مثلاً.

نحن إذن، إزاء نذر مواجهة دبلوماسية جديدة ساخنة، تتفاقم بموازاة احتدام المواجهات في اليمن من جهة،  أو على الساحة السورية، التي تشهد بدورها “عاصفة حزم” أخرى، تنخرط فيها بنشاط، كل من تركيا وقطر ... وهذا ما تظهر آثاره بوضوح على جبهات القتال في سهل الغاب وإدلب وجسر الشغور ودرعا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عاصفة حزم»  دبلوماسية «عاصفة حزم»  دبلوماسية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 05:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

نشاطات واعدة تسيطر عليك خلال الشهر

GMT 09:48 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

تراجع نسبة التضخم في تونس

GMT 06:30 2014 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

القبض على جماعة تعمل لحساب "داعش" في البليدة

GMT 18:28 2012 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

انتخاب العبادي أمينًا عامًا لـ"العدل والإحسان" المغربية

GMT 16:52 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

طارق الشناوي يكشف عن أسرار جديدة في حياة "ملك العود"

GMT 09:11 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

سميرة سعيد تكشف عن رأيها في مواهب برنامج "ذا فويس سنيور"

GMT 03:53 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

ميدالية فضية للرامية راي باسيل في بطولة العرب في الرماية

GMT 09:41 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

رانيا حدادين الناشطة الاردنية تزرع أرزة في جبال لبنان

GMT 22:14 2016 الأحد ,18 أيلول / سبتمبر

مدرب نادي "السماوة" يعلن استقالته من منصبه

GMT 04:17 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

هاشتاق في "تويتر" يدعو لمقاطعة المعلنين في قنوات "MBC"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia