ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني

ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني؟

ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني؟

 تونس اليوم -

ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني

حسن نافعة
أثارت تصريحات أدلى بها الفريق السيسى مؤخراً ردود أفعال متناقضة لدى النخبة السياسية. وقبل أن نبحث فى دلالة ردود أفعال النخب السياسية على هذه التصريحات يجب أن يكون مضمونها واضحاً للجميع بصرف النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف معها. وفى تقديرى أن هذه التصريحات أرادت أن تعبر عن: 1- حرص الجيش المصرى على عدم التدخل فى السياسة وعدم الانزلاق وراء دعوات متهورة تطالبه بالتدخل الفورى لإسقاط حكم الإخوان، ويرى أن هذه الدعوات تشكل خطراً على المصالح الوطنية العليا للبلاد على المدى البعيد، بصرف النظر عن مدى توافر أو عدم توافر حسن النية وراء دوافعها. 2- قلق الجيش المصرى من حالة الاستقطاب السياسى الحالية التى أدت إلى انسداد أفق الحوار، وحث جميع الأطراف على الدخول فى حوار حقيقى للتوصل إلى صيغة تساعد على إخراج البلاد من أزمتها الراهنة المستعصية. من الطبيعى، فى ظل حالة من الاستقطاب السياسى الحاد، أن تتباين ردود الأفعال على هذه التصريحات إلى حد التناقض. فالمطالبون بتدخل الجيش لإسقاط حكم جماعة الإخوان، انطلاقاً من قناعتهم بأنها جماعة لا تؤمن بالديمقراطية ولا ترى فيها سوى وسيلة للوصول إلى سلطة تحرص على التشبث بها وتصر على احتكارها إلى الأبد، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة من هذه التصريحات وصلت إلى حد الصدمة، بل ورأى فيها البعض انحيازاً لوجهة نظر الجماعة الحاكمة، وربما تشجيعاً أو حتى تحريضاً لها للمضى قدماً فى سياسة «التمكين» و«الأخونة». غير أن هؤلاء لم ينظروا إلا إلى النصف الفارغ من الكوب، من وجهة نظرهم، ولم يتوقفوا بما فيه الكفاية عند دلالة نصفه الآخر الممتلئ والذى يرى فيه البعض انتقاداً ضمنياً لموقف جماعة الإخوان من الحوار ويحمّلها المسؤولية عن انسداد أفقه، وبالتالى عن استمرار الأزمة الراهنة، ويوجه لها بالتالى إنذاراً غير مباشر من عواقب الاستمرار على نفس النهج. فى تقديرى أن هذه التصريحات متوازنة إلى حد كبير وتوجه رسالتين متوازيتين ومتكافئتين لطرفى الصراع، إحداهما لقوى المعارضة مفادها: لا تعتمدوا على الجيش وقواته المسلحة لإسقاط نظام وصل إلى السلطة عبر صناديق الانتخاب، واعتمدوا على قواكم الذاتية مستخدمين نفس الوسيلة التى أوصلت الجماعة الحاكمة إلى السلطة. أما الرسالة الأخرى فموجهة إلى جماعة الإخوان ومفادها: حذارِ من احتكار السلطة وإغلاق باب الحوار فى هذه المرحلة الحساسة لأن ذلك يدفع بالبلاد نحو فوضى شاملة ستلحق الضرر بالجميع، ولن يقف الجيش إزاءها، إن حدثت، مكتوف الأيدى. غير أنه يتعين على الفريق السيسى أن يدرك فى الوقت نفسه أن تصريحاته هذه لن تغير من الأمر الواقع شيئاً. فالعقلاء فى هذه الأمة يدركون خطورة قيام الجيش بانقلاب عسكرى، ولن يقبلوا باستيلاء الجيش مرة أخرى على السلطة ليس فقط لأن الثمن سيكون فادحاً ولكن لأنه لا يشكل حلاً. لكنهم يخشون فى الوقت نفسه من أن يؤدى إصرار الجماعة على احتكار السلطة، واستبعاد الآخرين فى مرحلة تأسيسية يتعين أن تبنى فيها قواعد إدارة اللعبة السياسية بالتوافق، إلى دفع البلاد نحو نفق مظلم لن يفضى فى النهاية إلا إلى فوضى شاملة. لذا فإن هدف العقلاء فى هذه الأمة ليس تحريض الجيش على التدخل فى السياسة لإسقاط الإخوان، وإنما حثّ الجيش على اتخاذ الخطوات التى تضمن حياده الدائم وعدم تدخله فى السياسة مستقبلاً لضمان تفرغه التام لمهامه الأساسية فى حماية الوطن. أما الوسيلة الوحيدة للوصول إلى هذا الهدف فبتصحيح ما ارتكبه المجلس العسكرى من أخطاء أثناء إدارته المرحلة الانتقالية التى انتهت بتسليم السلطة لجماعة الإخوان قبل الانتهاء من بناء مؤسسات النظام الجديد على أسس وقواعد مقبولة من الجميع. بعبارة أخرى يمكن القول إن الشعب يريد من جيشه الوطنى فى هذه المرحلة أن يكون راعياً لحوار حقيقى تُدعى إليه كل الأطراف، وأن يكون ضامناً لتنفيذ ما يسفر عنه من توافق حول الخطوات التى يتعين القيام بها لاستكمال بناء مؤسسات نظام بديل للنظام الذى سقط رأسه. فلن يكون بمقدور الجيش أن يكون محايداً وأن يقوم بدوره المأمول فى حماية أمن البلاد إلا فى ظل نظام يقوم على قواعد محايدة تضمن منافسة سياسية شريفة يشارك فيه كل الفرقاء. تلك هى رسالة شعب عظيم إلى جيشه الوطنى العظيم.. فهل وصلت الرسالة؟ نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"
arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني ماذا يريد المصريون من جيشهم الوطني



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 15:40 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 06:40 2016 الجمعة ,08 تموز / يوليو

اصنعي بنفسك سيروم طبيعي لتنعيم الشعر المجعد

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 11:30 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نساء برج العقرب والحمل يعشقن السيطرة

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

​أحمد صفوت ضيف إذاعة "نغم إف إم" الإثنين
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia