تمثيل المرأة والأقباط

تمثيل المرأة والأقباط

تمثيل المرأة والأقباط

 تونس اليوم -

تمثيل المرأة والأقباط

حسن نافعة

ذكرت فى مقال أمس أن المساواة فى التصويت، وفق قاعدة صوت واحد لكل مواطن دون تمييز، أصبحت حقا ديمقراطيا أصيلا بعد أن ناضلت شعوب العالم طويلا من أجل الحصول عليه، واستقر الآن كلبنة أساسية فى بناء النظم الديمقراطية. غير أن الممارسة الديمقراطية أظهرت أن التمتع بهذا الحق لا يكفى وحده ضمانا لتمثيل كل فئات المجتمع تمثيلا عادلا فى المجالس المنتخبة، ومن هنا بدأ التفكير فى العمل على استحداث آليات جديدة لتحسين مستوى تمثيل «الفئات المهمشة». ورغم ما قد ينطوى عليه هذا التوجه من «تمييز» يرى البعض أنه ربما يخل بقاعدة المساواة ويهدر حرية الاختيار، إلا أن التيار الغالب أصبح يسلم بضرورته حيث يرى فيه «تمييزا إيجابيا» يستهدف تحقيق مصلحة عامة، وبالتالى فلا ضرر من اللجوء إليه كاستثناء لتصحيح ما قد ينجم عن تطبيق القاعدة العامة من خلل أو تشوهات. فى مقدمة الآليات المستحدثة أو المقترحة تحديد حصة معينة «أو كوتة» قد تكون رقما إجماليا أو نسبة من المقاعد. ولأن المرأة والأقليات تقع فى مقدمة «الفئات المهمشة»، تتصاعد الضغوط الآن فى العديد من الدول لتقنين هذا «التمييز الإيجابى»، بالنص فى الدساتير نفسها على تخصيص حصص معينة من مقاعد المجالس المنتخبة للفئات المهمشة، وفى مقدمتها المرأة والأقليات بأنواعها المختلفة. وفى مصر يرغب كثيرون فى مسايرة هذا الاتجاه بالنص فى دستور 2013 على حصة من المقاعد للمرأة وأخرى للأقباط. أدرك أن فى مصر فئات مهمشة كثيرة، فى مقدمتها المرأة والأقباط، وأن هناك أشكالا كثيرة من التمييز تمارس ضد هذه الفئات وتنعكس على تمثيلها فى المجالس النيابية المختلفة، الذى أصبح متدنيا للغاية. كما أدرك أن على الفئات المستنيرة فى المجتمع أن تناضل ضد كل أشكال التمييز، خاصة التمييز الموجه ضد المرأة والأقباط. غير أننى لا أعتقد أن نظام الحصص فى المجالس النيابية هو الوسيلة الأنسب لمكافحة هذا التمييز، وذلك لأسباب عديدة، منها: 1- أن هذه الفئات المهمشة ستظل فى جميع الأحوال، ورغم تحسين نسب تمثيلها فى المجالس النيابية، أقلية فى هذه المجالس، وبالتالى لن يكون تأثيرها حاسما بالضرورة لترجيح كفة التشريعات المناهضة للتمييز ضدها. 2- تحديد حصة لكل من هذه الفئات لا يضمن بالضرورة حسن تمثيلها فى المجالس النيابية أو أن العناصر المنتخبة منها ستكون بالضرورة هى الكفء والأقدر على الدفاع عن مصالحها ومنع التمييز ضدها. 3- أن النص فى الدستور على حصص لهاتين الفئتين قد يفتح الباب واسعا أمام فئات أخرى ترى أنها مهمشة وتطالب بدورها بحصص لها، وهو ما قد يفتح الباب واسعا أمام تفتيت المجتمع فى مرحلة بالغة الخطورة تتعرض فيها المنطقة بأسرها لأعاصير فتنة عاتية. تراجع تمثيل المرأة فى البرلمان المصرى من 4% عام 1990 إلى 2% عام 2011، بات حقيقة لا يمكن إنكارها، ومن ثم يتعين العمل على تغييرها. ومن المفارقات أن برلمان 2010، الذى جاء عبر انتخابات مزورة بالكامل، منح المرأة حصة مكنتها من الحصول على 62 مقعدا مزورا!!. وارتفاع نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان الأوغندى، والتى وصلت إلى 35% من المقاعد، لا يعنى أن وضع المرأة فى أوغندا أصبح أفضل حالا من وضع المرأة فى الولايات المتحدة، التى لا تزيد نسبة تمثيلها فى الكونجرس على 14%، أو من وضع المرأة فى فرنسا، التى لا تزيد نسبة تمثيلها فى الجمعية الوطنية على 12%. وما يصدق على تمثيل المرأة يصدق على تمثيل كل الفئات المهمشة بما فيها الأقباط. منح الفئات المهمشة، خاصة المرأة والأقباط، حقوقها لا يكون بتخصيص حصص من المقاعد لها فى المجالس النيابية وإنما بالعمل على مكافحة كل صور التمييز وفضحها وحشد الرأى العام للضغط من أجل إلغائها والارتقاء بالتعليم ومكافحة الأفكار والتقاليد الاجتماعية التى تسعى لتكريس أشكال التخلف والانحطاط. ليس معنى ذلك أن تحسين نسب تمثيل هذه الفئات فى المجالس النيابية لم يعد ضروريا، بل بالعكس هو ضرورى، لكن يتعين العمل على تحقيق هذا الهدف النبيل عبر وسائل أخرى، كتشجيع أو حتى إلزام الأحزاب بترشيح أعداد أكبر من هذه الفئات ووضعها فى ترتيب متقدم على قوائمها الانتخابية. والله أعلم نقلا عن جريدة المصري اليوم  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمثيل المرأة والأقباط تمثيل المرأة والأقباط



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia