تأجيل النووي وإصابة الهلال

تأجيل النووي وإصابة الهلال

تأجيل النووي وإصابة الهلال

 تونس اليوم -

تأجيل النووي وإصابة الهلال

وليد شقير

هل سيجد العقل السياسي الإيراني (وعقل حليفه اللبناني «حزب الله») الطريق ليخرج نفسه من حال الاستنزاف التي دخلها في الأشهر الأخيرة في سورية ومعها لبنان وفي ميدانه الحيوي في العراق، أم أن إدارته السياسية لمناطق النفوذ التي تمكَّن من أن يصنعها في السنوات الماضية في هذه الدول وغيرها، بوصول أذرعه إلى اليمن وبعض دول الخليج، ستغرق في حال التخبط والحروب والانقسامات التي تحول دون قطافه المكاسب التي تؤمنها له؟
السؤال يطرح قبل ساعات من حسم طهران ودول 5+1 القرار في شأن اقتراح تمديد مهلة التفاوض من الإثنين المقبل إلى تاريخ آخر، على الملف النووي الإيراني في فيينا. والشائع أن القيادة الإيرانية عادت إلى التشدد في هذه المفاوضات، لأن من بين مواضيع الخلاف رفضها الرفع الجزئي للعقوبات، وإصرارها على الإفراج عن الجزء الأكبر من الأموال الإيرانية المجمدة في الغرب لإراحة الاقتصاد، فالتدهور الذي أصابه كان الدافع الأساس لإقدام الدهاء الإيراني عبر انتخاب حسن روحاني رئيساً، على التفاوض، بعدما أضافت العقوبات صعوبات مالية ضخمة إلى الأكلاف الباهظة للتوسع الإقليمي، على رغم أرباح هذا التوسع في الجغرافيا السياسية. والشائع أيضاً أن الخلاف في فيينا لا يقتصر على عدد أجهزة الطرد المركزي التي يحق لإيران الاحتفاظ بها لتخصيب اليورانيوم، بل على عدد بلايين الدولارات التي ستستعيدها إيران والعقوبات التي سترفع عنها، لتعوض تكاليف سياسة الاقتحام الإقليمية التي اعتمدتها في العقود الماضية. وبعض هذه العقوبات يعود سببه إلى هذه السياسة وليس إلى البرنامج النووي وحده. وإذا كانت القيادة الإيرانية أرادت من هذا الانفتاح تمكين نفسها من مواصلة التوسع الإقليمي، فإن دول الغرب أمسكت بالعقوبات وسيلة لإفقادها هذه القدرة، أو للتفاوض معها على حدود نفوذها، تشاركها في ذلك الدول العربية المتضررة من توسع نفوذ الثورة الإسلامية.
الأيام والأسابيع المقبلة ستنبئ بما إذا كان هذا التمديد للتفاوض على النووي هو لالتقاط الأنفاس من أجل الرد على الإصابة التي تلقتها إيران في العراق بخروج مناطق واسعة عن سيطرة حليفها الأول نوري المالكي، بمحاولة استعادة بعض منها، مقابل التمسك بحلفائها، أم أن توافق النواب العراقيين على انتخاب رئيس للبرلمان هو إشارة إلى تسوية ما، ولو جزئية لتقاسم جديد للسلطة في بلاد الرافدين، أو مقدمة لإعادة النظر في إدارة سياستها في المنطقة.
فواشنطن رفضت مشاركة طهران الحرب على «داعش» على رغم التلاقي في رفع شعار محاربة الإرهاب الذي أمِلت القيادة الإيرانية بأن يشكل نجاحُها وحليفها في دمشق في صناعته وتسويقه سبباً لدعم سياساتها ضد خصومها الإقليميين، فالولايات المتحدة تدرك أن ما يريده الجانب الإيراني هو تغطية سياساته الاقتحامية للمنطقة بشعار محاربة الإرهاب هذا.
تعرّض هلال النفوذ الإيراني لإصابة بالغة حين تلاقت اندفاعة «داعش» في العراق مع التمرد السنّي على تفرد طهران في حكمه وهيمنتها على قراره. وإذا كان صحيحاً أن هذا الهلال لم ينكسر، فإن الإصابة التي تعرض لها وضعت طهران في موقع تحصين مواقع نفوذها بدلاً من تحسين هذه المواقع على امتداد الإقليم. والفارق واضح بين المسألتين، خصوصاً أن لائحة اللاعبين الكبار في التنافس على بغداد تبدأ بتركيا وتمر بدول الخليج، والسعودية في مقدمتهم، ولا تنتهي بأميركا. وإذا جاءت الإصابة الأكثر حراجة في المدى الحيوي لطهران، في بلاد الرافدين، فإن استمرار انغماسها في الحريق السوري أضعف من استخدامها بلاد الشام، مع ما يعنيه ذلك من استنزاف لمواطن القوة لديها عبر توظيفها قدرات «حزب الله» في هذا الحريق. والميدان السوري يبقى معرضاً للانهيار ولانكسار الهلال. وفي لبنان، يبدو البلد معرضاً أيضاً للانتكاس، بمواصلة طهران والحزب خطة منع استكمال مؤسساته الدستورية وانتخاب رئيس الجمهورية، وتتصاعد في الطوائف المسيحية القناعة بأن الحزب يقف وراء الشغور الرئاسي ويحول دون استعادة الموارنة دورهم في التركيبة السياسية. وفي غزة التي تتعرض للحرب الإسرائيلية الشرسة، باتت طهران مطالبة بتنفيذ شعاراتها بمساندة المقاومين في وقت تغيرت خريطة الوضع الفلسطيني الداخلي بعد المصالحة بين «حماس» و «فتح» والتي ما زالت صامدة، في حين تزداد جروح «حزب الله» في سورية.
هل أن الدهاء الإيراني الذي اخترع شعار «ليونة الأبطال» عندما انطلقت مفاوضات النووي، سيجد وسيلة تعتمد الشعار نفسه في الوضع الإقليمي، أم أن الإدارة السياسية اليومية وسوء التقدير لأضرار التوسع غير المنطقي ستغلب؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأجيل النووي وإصابة الهلال تأجيل النووي وإصابة الهلال



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 18:13 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 04:41 2013 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

"الحر" أصبح جاهزًا لضرب الجيش السوري بسلاح الجو

GMT 00:54 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

زهور جديدة تتفتح دومًا من "فان كليف آند آربلز"

GMT 13:03 2018 الجمعة ,17 آب / أغسطس

أم تقتل ابنتها بـ"إيد الهون" في "البحيرة"

GMT 11:30 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

تعرف علي قائمة موضة ألوان أزياء شتاء 2019
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia