«رَبع الله» آخر نيابة عن الله حتّى الآن

«رَبع الله»: آخر نيابة عن الله... حتّى الآن!

«رَبع الله»: آخر نيابة عن الله... حتّى الآن!

 تونس اليوم -

«رَبع الله» آخر نيابة عن الله حتّى الآن

حازم صاغية
بقلم :حازم صاغية

ليس جديداً تأسيس أحزاب دينيّة، لا في العالمين العربيّ والإسلاميّ ولا في سواهما. عربيّاً، كان أوّل تلك الأحزاب «جماعة الإخوان المسلمين» في 1928، ثمّ تأسّست في بلدان عربيّة شتّى أحزاب حملت تسميات «حزب التحرير الإسلاميّ» و«الجماعة الإسلاميّة» و«عبّاد الرحمن» و«شباب محمّد» وسواها.
هذه الأحزاب تحاشت كلّها ذكر اسم الله، وإن كانت، بطبيعة الحال، على بيّنة من الآية القرآنيّة في سورة المائدة: «فإنّ حزب الله هم الغالبون». حتّى الذين استخدموا هذا أو ذاك من أسماء الله الحسنى، كالرحمن، أكّدوا على أنّهم عبّاده من دون أن ينوبوا عنه ويصنّفوه زعيماً لحزبهم.
في إيران، ومباشرة بعد قيام ثورة 1979، ظهر تنظيم سُمّي«حزب الله» كان إسهامه الأكبر إحكام قبضة السلطة، بكثير من الخشونة، على الجامعات والطلبة والكتب. بعد ذاك، وفي 1995، نشأت مجموعة أخرى سمّت نفسها «أنصار حزب الله» وعُرفت بخدماتها للبوليس وأجهزة الأمن. بين هذين التاريخين، في أوائل الثمانينيّات، نشأ «حزب الله» اللبنانيّ في السفارة الإيرانيّة بدمشق وكان ما كان. ثمّ جاء دور العراق، بعد تعاظم النفوذ الإيرانيّ فيه، فأُسّست «كتائب حزب الله»، كما جاء دور اليمن فكان تنظيم «أنصار الله»، و«الأنصار»، على أيّ حال، أكثر تواضعاً في تمثيل الله من «الحزب».
التبرّع الإيرانيّ بالله جارٍ على قدم وساق إذاً. ومنذ فترة غير بعيدة بدأ العراق يُتحفنا باسم جديد هو «رَبع الله»، والرَبع قد يكون الدار أو الحيّ أو العشيرة أو الصحبة. إنّه، على العموم، تنسيبٌ آخر لله، علماً بأنّ الله، بطبيعة الحال، لم يُستَشر في أمر كهذا مثلما لم يُستشر عند إعلانه قائداً لأحزاب إيرانيّة ولبنانيّة.
قد يقول قائل إنّ في الأمر دالّة بعيدة على الله يعود بعض أصولها إلى تقاليد فقهيّة أتاحت إعطاء ألقاب من نوع «آية الله» و«روح الله»، أو الاثنين معاً دفعةً واحدةً، كما كانت حال «آية الله روح الله الموسويّ الخمينيّ». وهذا حقّ للمتفقّهين يجادلهم فيه المتفقّهون.
لكنْ يبقى أنّ إساءة استخدام الله واسمه تذهب بعيداً جدّاً مع «ربع الله» ممّن يُقدّر أنّهم تابعون لميليشيا «كتائب حزب الله»، وكلّهم في آخر المطاف عناصر في «الحشد الشعبيّ». ولمّا كان «الحشد» ينفي كلّ معرفة بـ«الربَع»، فهذا ما يزيد الشبهات اشتباهاً.
حسب تقريرين مصوّرين لقناتي «دويتشه فيلّه» الألمانيّة و«بي بي سي» العربيّة، ومصادر أخرى عراقيّة، يتّضح أنّ أهمّ أفعال «ربع الله» ما يلي:
- استهداف هوشار زيباري وزير الخارجيّة الأسبق ومحاولة إحراق مقرّ حزبه «الديمقراطيّ الكردستاني» في بغداد بعد انتقاده الفصائل الموالية لإيران.
- هجوم على السفارة الأميركيّة.
- مهاجمة «قناة دجلة» وإضرام النار فيها بعد اتّهامها بـ «الإساءة للإسلام». القناة، بالمناسبة، تعرّف عن نفسها بالتالي: «قناة دجلة تنقل رسائل العراق الجريح بعد أن سَحَقَ الخطاب الطائفيّ كلّ الرسائل واتّسع وتضخّم فلم يترك مجالاً لمن يريد أن يقول الحقيقة».
- اقتحام مركز للتدليك في فندق واقع في منطقة الكرّادة ببغداد وضرب فتيات يعملن فيه وتكسير محتوياته مع ترديد شعارات طائفيّة، وتكسير محلاّت لبيع المشروبات الكحوليّة.
- رفع مطالب اقتصاديّة كفرض سعر للدولار بمعزل عن السوق، مع التهديد بـ «قطع الآذان» في حال عدم الامتثال لمطالبهم.
- والذروة كانت استعراضاً مدجّجاً بالسلاح قبل أيّام قليلة في شوارع العاصمة، رافقه توعّد لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي. الشخص الآخر الذي شُتم وهُدّد بـ«قطع يده» إذا فكّر «بمجرّد المساس بالمقاومة»، هو أحمد أبو رغيف لأنّه، وهذا هو بيت القصيد، المكلّف بمكافحة الفساد.
كيف يعمل هؤلاء؟
يطلقون حملة تشهير على وسائل التواصل الاجتماعيّ تطال أحد أهدافهم، ثمّ يتقدّمون نحو الهدف مُقنّعين لا يظهر من وجوههم إلا الأعين والشفاه، بلباس أسود وعصبة حمراء للرأس، وفي الأيدي هراوات وبلطات وأدوات حادّة. لكنّهم أيضاً، وفي استعراضاتهم الكبرى، يستقلّون سيّارات دفع رباعيّ في شوارع بغداد تصحبهم أسلحتهم وشعارهم «لا نخاف ولا نستحي».
وهم يركّزون على «جنوبيّتهم» في مواجهة المناطق الأخرى، لا سيّما الشمال، ويكرهون خصوصاً ثوّار تشرين، ويحقدون على المشروع الاستقلاليّ المرِن، والمنفتح على العرب، الذي يرعاه رئيس الحكومة الحاليّ، ويسمّون رجال الأمن «ميليشيا الكاظمي». في المقابل، عراقيّون كثيرون ممّن يريدون أن يستعيدوا بلدهم ينعتونهم بـ «دواعش الشيعة»، ولا يُخفون استياءهم من غضّ النظر حيال انتهاكاتهم كما تُبديه أطراف أمنيّة تعجز السلطة السياسيّة حتّى الآن عن السيطرة عليهم.
هؤلاء، بكلمة أخرى، رجال المهامّ الإيرانيّة الأكثر قذارة في العراق. مهمّتهم الرائدة والمُركّبة هي منعُ الدولة من القيام والإمعانُ في تعفين المجتمع والحفرُ في غرائزه الطائفيّة والإثنيّة، فضلاً عن إفشال محاولات كبح الفساد وتحسين الصلات مع الجوار العربيّ والعالم. وكلّما أفلت الوطن من اليد وزاد المجتمع تعفّناً، تضاعف زعم الاستحواذ على الله والإساءة لاسمه حتى صار تقليداً خمينياً.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رَبع الله» آخر نيابة عن الله حتّى الآن «رَبع الله» آخر نيابة عن الله حتّى الآن



GMT 07:40 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لا 99 ولا 100

GMT 10:52 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الصين جزء من المشكلة لا من الحلّ

GMT 10:49 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حاكم العراق يقلِّب جمرتين

GMT 10:47 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بيان تعليق عضوية

GMT 09:34 2021 السبت ,09 تشرين الأول / أكتوبر

السادة المبعوثون

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 15:40 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 06:40 2016 الجمعة ,08 تموز / يوليو

اصنعي بنفسك سيروم طبيعي لتنعيم الشعر المجعد

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 11:30 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نساء برج العقرب والحمل يعشقن السيطرة

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

​أحمد صفوت ضيف إذاعة "نغم إف إم" الإثنين

GMT 10:51 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد بن سلمان يبدأ زيارة رسمية إلى الهند

GMT 12:10 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

كاظم الساهر يعلن رسميًا انضمامه إلى "مدرسة الحب"

GMT 22:56 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب التطواني يهرب من ضغوطات الجماهير ويعسكر في مراكش
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia