تجربة العمر صحة ولا حاجة إلى الناس

تجربة العمر: صحة ولا حاجة إلى الناس

تجربة العمر: صحة ولا حاجة إلى الناس

 تونس اليوم -

تجربة العمر صحة ولا حاجة إلى الناس

جهاد الخازن

تجربة العمر هي صحة، وأهميتها لا تحتاج إلى شرح، واستقلال، وهذه بمعنى عدم الحاجة إلى طلب شيء من الآخرين.

كنت أحدث طلاباً عرباً بعد جلسة عمل، وهم طلبوا مني أن أحكي لهم قصصاً من تجربتي الصحافية، غير أن الحديث انتقل من موضوع إلى آخر، وانتهيت بإعطائهم حكمتي المنزلية في الحياة الدنيا.

حكيت لهم كيف شكَوت إلى أخي الأصغر يوماً من أنني أتلقى طلبات للمساعدة وأحاول وأنجح مرة وأفشل عشر مرات. أخي قال: ألف مرة يحتاج إليك الناس ولا مرة تحتاج أنت إلى أحد. استغربت أن يبدي مثل هذا الرأي أخ لم يشتهر في أوساط العائلة بالحكمة. قلت للطلاب أن يطلب إنسان مساعدة غيره عمل خير، ولكن أن يطلب لنفسه تسوّل.

كنت أراجع عمل النهار في المساء وأحاسب نفسي ووجدت أنني قصّرت مع الطلاب فقد كانت هناك نقاط أخرى تستحق التوقف عندها مثل عنصر الحظ في النجاح والاستقلال عن الآخرين، إلا أن الحظ ليس في يد أحد منا مع أنني وجدته التفسير الوحيد لنجاح بعض الناس.

ثمة عنصر آخر أمهد له بقصة فبعد المدرسة الثانوية في لندن، أختارت ابنتي أن تتوقف عن الدراسة سنة لكسب خبرة عملية، وهذا تقليد متّبَع في إنكلترا، قبل دخول الجامعة. بعد نهاية السنة ذهبت البنت إلى جامعة كامبردج، ووقفت أمام رئيسة قسم قبول الطلاب، وملف دراستها وسنة الخبرة أمام أعضاء اللجنة. قالت رئيسة اللجنة لها إنها لاحظت أنها في السنة الماضية عملت في بي بي سي و «الغارديان» في لندن، وفي «الهيرالد تريبيون» في باريس («نيويورك تايمز» الآن)، وسألت البنت كيف استطاعت تحقيق كل هذا؟ ردت البنت أن أباها صحافي وله اتصالات، وقد ساعدها على توفير ما تريد من عمل.

رئيسة لجنة القبول، وهي أكاديمية في واحدة من أهم جامعات العالم، قالت لابنتي: عظيم، ليكن هذا درساً لك. إذا كانت عندك وساطة (واسطة بالعاميّة) فاستعمليها.

الوساطة غير الوقوف على أبواب الناس للسؤال، فالاستقلال الذي بدأت به يعني عدم الحاجة إلى السؤال، لأن سؤال الناس هو إما عن حاجة، أو فقر أخلاق ونفوس. الوساطة تعني أن يستغل الإنسان ما هو متوافر له من دون الهبوط إلى درك التسوّل.

إذا تخرّج شاب أو شابة في الجامعة قد يستعمل نفوذ أب أو عمّ أو خال في البحث عن وظيفة تليق بمؤهلاته الدراسية. أو قد يطلب مساعدة أساتذته في الانتقال إلى جامعة كبرى في الخارج لإكمال دراسته. هو قد يطلب من رئيسه في العمل أن يؤمن له الانتقال إلى فرع للشركة في الخارج يضمن له مرتباً أكبر وفرص تقدم أوسع. أو قد يطلب من ثري تمويل تعليم طالب ذكي يفتقر إلى القدرة المالية، وهكذا.

حاولت أن أكون دقيقاً في جمع المعلومات عن الوساطة وشرح الفرق بينها وبين التسوّل المرذول. وعدت إلى «لسان العرب» وأضعت وقتي في الفرق بين وَسَط ووَسْط ولم أجد سوى كلمتي التوسيط والتوسط بمعنى آخر. وجدت الوساطة في قواميس أخرى على الإنترنت بمعنى واسطة أو شفاعة كما أريد.

أرجّح أن أعود إلى الطلاب في جامعتهم خلال أشهر، فلا ألغي حكمتي المنزلية عن الصحة والاستقلال، أو الحظ الذي أجده من نوع هيولى، وهي كلمة تعلمناها في صف الفلسفة وتعني الأصل أو المادة، وهي واحدة في جميع الأشــياء، في الجماد والنبات والحيوان. أقول إذا توافر للإنسان حظ فهو يكفي ويزيد.

غير أن الحظ ليس في متناول اليد فأزيد للطلاب الوساطة التي رحّبت بها أكاديمية بريطانية لا أملك «المواصفات» لمعارضتها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة العمر صحة ولا حاجة إلى الناس تجربة العمر صحة ولا حاجة إلى الناس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:01 2021 الأربعاء ,28 إبريل / نيسان

عياض اللومي يعلن استقالتة نهائيأً من حزب قلب تونس

GMT 20:45 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

نادي "النصر" يدرس عروضًا صينية للبرازيلي نيمار

GMT 04:25 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

خيري رمضان يعود إلى"سي بي سي" الأربعاء

GMT 22:24 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

"مقدمة ابن خلدون"على قائمة أكثر الكتب مبيعاً
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia