الجدران في النفوس لا تُهدَم

الجدران في النفوس لا تُهدَم

الجدران في النفوس لا تُهدَم

 تونس اليوم -

الجدران في النفوس لا تُهدَم

جهاد الخازن

الاحتـــفالات في ألمـانيا وحول العالم بالذكرى الخامسة والعشرين لسقوط جدار برلين أثارت حماسة الميديا فلم يبقَ شيء لم يُقلْ، كان بعضه سخيفاً. وكان بين أجمل ما قرأت تحقيق كتبه ريك نواك ونشرته «واشنطن بوست» عنوانه «هذه الجدران الأربعة عشر لا تزال تفصل العالم.»

المقال تحدث عن جدران بين الهند وباكستان، وجورجيا وأوسيتا الجنوبية، وقطاع غزة وإسرائيل، ومصر وقطاع غزة، وإسرائيل والضفة الغربية، والولايات المتحدة والمكسيك، وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، والهند وبنغلادش، والاتحاد الأوروبي (جدران لمنع دخول اللاجئين)، وإسبانيا والمغرب (حول مليلة)، وقبرص (شمال الجزيرة وجنوبها)، وإرلندا (جدار في بلفاست بين الكاثوليك والبروتستانت)، والمغرب والصحراء الغربية، وبغداد (جدار طوله خمسة كيلومترات بناه الأميركيون عام 2007 للفصل بين أحياء الشيعة والسنّة).

المقال يتحدث بعد ذلك عن جدران بين بوتسوانا وزيمبابوي، وماليزيا وتايلاند، والسعودية والعراق، وإيران والعراق، والكويت والعراق.

أتجاوز الفقرة الأخيرة ودور صدام حسين وآيات الله والأميركيين في إقامة الجدران لفصل شعوب الشرق الأوسط بعضها عن بعض، وأكتفي بالجدران الأربعة عشر السابقة. هل لاحظ القارىء أن من أصل هذه الجدران هناك ستة في عالمنا العربي، وإذا تجاوزنا مليلة والصحراء الغربية على أهميتها، فالجدران الأربعة الأخرى ما كانت قامت لولا الاحتلال والقتل والتدمير، ومحاولة مستوطنين أشكناز دجالين سرقة وطن وتشريد شعبه.

الجدران يمكن أن تُهدم، وعندنا في جدار برلين مَثل ناصع. والشعوب يحق لها أن تحلم فلو كنت فلسطينياً يعيش في الضفة الغربية أو قطاع غزة لكنت أستيقظ كل يوم وقد حلمت أن جنود الاحتلال اختفوا، وأن أرض فلسطين المحررة متواصلة من دون انقطاع.

مرة أخرى، الجدار، سواء بُني من طين أو حجر، يمكن أن يُهدم ولكن كيف تُهدم الجدران في النفوس؟ أتكلم عن نفسي فقط، فلو انتهت عملية السلام بالنجاح وقامت دولة فلسطين المستقلة الى جانب دولة تحتل 78 في المئة من أرض فلسطين، فإنني لا أريد حرباً أو قتلاً، أو حركة فدائية جديدة لتحرير ما بقي تحت الاحتلال. غير أنني لا أجد عدالة في دولة على 22 في المئة من أرض فلسطين، فأقبل ما يقبل به الفلسطينيون، ثم أرفض أن أعقد صلحاً مع إسرائيل ما حييت، وإنما ألتزم مقاطعة كل ما له علاقة بإسرائيل، من دون أن أطلب الموت لأي إنسان.

لا أعتقد أنني وحدي في مثل هذا الموقف، فالجدران القائمة في القلوب والعقول لا تُرى وهدمها أصعب، وأجده أحياناً من نوع المستحيل.

شخصياً، لا أستطيع أن أنسى جرائم الإسرائيليين بحق أهل فلسطين ومصر وسورية ولبنان وكل بلد عربي، فلا أنسى مدرسة بحر البقر و46 طفلاً شهيداً عام 1974، أو الطائرة الليبية المدنية التي أسقطها الإسرائيليون عام 1973 فقتل أكثر من مئة راكبٍ وملاحٍ. وحتماً لا أنسى كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار، فقد دستُ في دمهم في تلك الليلة المشؤومة 9/4/1973 في بيروت. ومحققو الأمم المتحدة مُنِعوا قبل يومين من دخول إسرائيل للتحقيق في الحرب الأخيرة على قطاع غزة. إسرائيل تدين نفسها وهي مُدانة من دون حاجة إلى الأمم المتحدة. والآن المستوطنون يحرقون مساجد.

حتماً لا أغفر لـ «داعش» و «النصرة» و «القاعدة» وكل قاعدة فهم إرهابيون، أو جيش الاحتلال الإسرائيلي باسم آخر، إلا أن مقاطعتهم أهون لأنني لا أتوقّع أن أراهم، أو يُطلب مني أن أغفر لهم، فالإرهاب سيُهزَم، ويبقى ثمنه من أرامل وأيتام ومعاقين ومشرّدين.

المعلّق المشهور توماس فريدمان نشرت له «نيويورك تايمز» أخيراً مقالاً عنوانه «فرويد والشرق الأوسط» يقول فيه إن ما يقول قادة المنطقة في جلسات خاصة غير مهم، فالمهم ما يقولون بلغتهم لشعوبهم. لا أعتقد أنني في حاجة إلى فرويد أو غيره، فمقاطعتي إسرائيل نهائية وأنا حتماً لست وحدي في هذا الموقف بين العرب والمسلمين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجدران في النفوس لا تُهدَم الجدران في النفوس لا تُهدَم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 05:01 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع فرص هطول الأمطـار في جازان والباحـة وعسير

GMT 16:58 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"فنية رماية الأطباق" تطالب بزيادة ميادين أولمبية جديدة

GMT 23:42 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ساري يُطمئن جماهير تشيلسي بشأن حالة أودوي

GMT 13:51 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو

GMT 16:24 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السنغال أول المتأهلين للدور الفاصل في تصفيات كأس العالم

GMT 19:12 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 12:24 2015 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

إيمان البحر درويش ضيف برنامج "رمضان على الأولى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia