أزمة الحكومات السنية بعد «داعش»

أزمة الحكومات السنية بعد «داعش»

أزمة الحكومات السنية بعد «داعش»

 تونس اليوم -

أزمة الحكومات السنية بعد «داعش»

عبد الرحمن راشد

 نحن أمام وضع واضح إلى حد ما، من حيث العدو والصديق في الحرب على «داعش»، لكن قد تتغير الأوضاع لاحقا. فرئيس وزراء العراق الجديد، حيدر عبادي، يقول إن الخليج والسعودية أدركوا أن دعمهم للمتطرفين سيهدد أمنهم، لهذا بدلوا استراتيجيتهم! والسعوديون يؤكدون أن «داعش» ولدت في حضن النظام السوري. والإيرانيون يعترفون في العلن أن بعض قيادات «القاعدة» لا يزالون في ضيافتهم في داخل إيران. وتركيا، معروف أنها البوابة الواسعة لكل آلاف المقاتلين، المحترمين والإرهابيين معا، الذين تسللوا إلى سوريا. والجميع يتفق على أن تردد الحكومة الأميركية في التدخل لسنوات تسبب في تحول القط إلى وحش إرهابي يهدد العالم كله. والأميركيون، أنفسهم، يعترفون اليوم أنهم أساءوا التقدير، ويعترفون أن حكومة العراق السابقة تحت إدارة المالكي بسياستها الانتقامية الطائفية أدت إلى ولادة جيش «داعش» العراق المخيف.

رغم الاختلافات وصعوبة التعامل مع جماعات إرهابية، فإنه يوجد أمل بكبح الخطر. فالتحالف القائم وعاء سياسي وقانوني وعسكري يمكن تطويره لإيجاد حلول للأسباب الجذرية، بوقف التنافس السياسي الإقليمي وكبح الصراع الطائفي والتخلص من المسببات مثل النظام السوري. من دون ذلك يمكن أن تتغير المواقف وينقسم التحالف، ويتسع الصراع، وتتورط الأطراف في حروب إقليمية تستخدم فيها الجماعات الإرهابية من قبل الجميع.

الآن كل يلوم الآخر، وهناك ما يكفي من توزيع اللوم على الجميع، كل مسؤول بدرجة ما عن النتيجة السيئة التي وصلنا إليها اليوم في العراق وسوريا، ولن يستطيع أي طرف مهما كبرت مدافعه، أو بعدت حدوده عن منطقة الأزمة، أن ينجو من الخطر الآتي ما لم يعترف بحقيقة التهديد، ويعتبر نفسه شريكا في الحرب. إنما عندما تريد إيران الإبقاء على نظام الأسد، فإن هذا سيعني التخلص من إرهابيي السنة والإبقاء على إرهابيي إيران. أمر مرفوض تماما. سيؤدي فقط إلى تكبير قدرات «داعش»، لأن جرائم النظام السوري، الذي قتل ربع مليون من مواطنيه، وقاتلت إلى جانب الأسد التنظيمات الشيعية، ستفشل التحالف وجهوده العسكرية، وستزيد الكراهية في أنحاء العالم الإسلامي، وستعمل كجاذب للمزيد من المقاتلين، والدعم.

وعلينا أن نفهم البعد الديني في الأزمة، الانحياز فقط ضد «داعش» سيحرج الحكومات السنية مع مواطنيها. من دون إقصاء نظام الأسد، وعدم تصحيح الوضع الطائفي في العراق، سيرفع من وتيرة الصراع بين السنة والشيعة، على مستوى الحكومات والتنظيمات والأفراد. وهذا التنافس سيعزز من مكانة المتطرفين ويجعلهم المحرك الأساسي ومركز الاهتمام، وسيضعف سلطة الحكومات السنية التي ستجد نفسها متورطة في لعبة الاستقطاب، ومضطرة إلى الانحياز، إما مع إيران وإما مع «داعش». فهل سيستطيع العالم تحمل مثل هذا المشهد الواسع من الفوضى نتيجة التحالف العسكري ضد «داعش» الإرهابي السني، ويخرج منه الأسد وإرهابيو الشيعة منتصرين؟

السؤال الاستنتاجي: أليس ما نشهده اليوم -أصلا- حربا طائفية؟

جزئيا، بلى. لكن هناك الفصل الثاني من الأزمة لم يبدأ بعد، فالمنطقة ليست بعد منقسمة، لأن دول الخليج تحارب الجماعات السنية الإرهابية منذ ظهور «القاعدة» منذ عقد ونصف، ولا تزال في الصف الأول في ملاحقة هذه الجماعات، لأنها تعرف أن «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام» تستهدف السعودية ودول الخليج ومصر وبقية الأنظمة السنية، أكثر من استهدافها للأنظمة الشيعية، لكن لن تستطيع هذه الدول المحافظة على موقفها في حال اتضح لاحقا وجود تكتل طائفي مدعوم من دول خارجية، أي أن إيران والدول الغربية مع نظام الأسد والحكومة العراقية والميليشيات الشيعية المتطرفة تعمل في جبهة واحدة. هنا لن تستطيع الدول الإقليمية مثل السعودية والخليج ومصر وتركيا البقاء في معسكرها الحالي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة الحكومات السنية بعد «داعش» أزمة الحكومات السنية بعد «داعش»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia