الفراشة تولِّد إعصاراً

الفراشة تولِّد إعصاراً

الفراشة تولِّد إعصاراً

 تونس اليوم -

الفراشة تولِّد إعصاراً

سمير عطا الله
سمير عطا الله

يعزو البعض نظرية «أثر الفراشة» إلى الصينيين القدماء. وينسبها المحدثون إلى العالم الأميركي إدوارد لورانز (1917 - 2009). لكننا نعثر عليها في الآداب الشعبية حول العالم في صيغ مختلفة تفضي إلى النتيجة نفسها. أما كما وضعها لورانز فخلاصتها أن فراشة رفّت بجناحيها في أدغال الأمازون، فهزت الرفة ورقة زهرة، فهزت ورقة الزهرة ورقة شجرة، فأثارت أوراقها هواء، لتحوِّل الهواء إلى رياح، والرياح إلى عاصفة، والعاصفة إلى إعصار، والإعصار إلى أعاصير.
ينطبق «أثر الفراشة» على أحداث وتطورات العالم بأنواعها؛ بدءاً بـ«الربيع العربي»، في مدينة تونسية ريفية، وقال القذافي إن ليبيا غير تونس، ثم قال حسني مبارك إن مصر غير ليبيا، ثم قال بشار الأسد إن سوريا غير مصر. لكن تبين فيما بعد أنهم جميعاً كانوا يخشون أن يصل هبوب الفراشة إلى حدائقهم.
بعيداً عن العلم والهندسة، كنت أعتقد أن الدنيا عصور ومناخات. كل عصر له طابعه... القرون الوسطى أو عصر النهضة، عصر تنتعش فيه الآداب، وآخر يزدهر فيه العلم، وثالث الفكر، ورابع الحكم العسكري، وآخَر الشيوعية وأشعار ماو تسي تونغ.
عشنا في لبنان حقبة ازدهر خلالها الأدب والشعر والنشر، وارتقت خلالها العلوم والجامعات والصناعات والسياسة والدبلوماسية والفنون. فراشة بعد فراشة. نسائم بعد نسائم. ومنذ فترة دخلنا عصر الذباب الإلكتروني، والسفاهة في الخطاب، والشتائم والتهديدات والاغتيالات، والعنف الأسري؛ والجدة التي تعذب أحفادها بالأسلاك الكهربائية، والأزواج الذين يحرقون، أو يخنقون، زوجاتهم، فيما الحل السهل والبسيط هو الهجر أو الطلاق.
لكنه «أثر الفراشة»... مناخ الحقد والكره والعنف واحتقار الآخر وازدراء أرواح الناس وكراماتها، والذباب الفالت بعضه على بعض متبارياً في أسوأ وأردأ الألفاظ والإهانات. فهل في مثل هذا المناخ الموبوء بالسموم يمكن أن نتوقع ظهور شاعر جديد، أو عالم جديد، أو أديب جديد، أو نهضة مسرحية أو ثقافية؟ وهل في هذا المناخ يمكن أن يظهر في سوريا نزار قباني، أو معروف الرصافي في العراق، أو الشابي في تونس، أو النيهوم في ليبيا؟
يحسن بنا دوماً أن نتتبع أثر الفراشة وحركة الفراشات في الأمازون. كل شيء عدوى وليس فقط الجائحة. السفه أيضاً عدوى، وأسوأ أنواع الأوبئة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفراشة تولِّد إعصاراً الفراشة تولِّد إعصاراً



GMT 09:09 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

لقاح أميركي لمريض الشرق الأوسط

GMT 11:22 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

قمة النمر الزهري

GMT 14:17 2021 الجمعة ,19 شباط / فبراير

عندما تختبر ايران اميركا

GMT 14:12 2021 الجمعة ,19 شباط / فبراير

العشب يتكسر في تونس!

GMT 15:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 17:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 10:55 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

الإصابة تحرم منتخب سورية من نجم الأهلي

GMT 03:18 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia