مجرّة الأوسمة

مجرّة الأوسمة

مجرّة الأوسمة

 تونس اليوم -

مجرّة الأوسمة

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

جاء الانقلاب العربي معتمراً قبّعة عسكرية، مزيَّن الصدور بأوسمة متدلّية على الصدور، موصى عليها في سوق الخياطين، واستبدل بالرتب المستحقة نجوماً بعدد المجرّة. وانهمكت مطابخ الانقلاب في وضع نوعين من الشعارات: الأول ضد الحكم المخطوف، والثاني وعود الحكّام الجدد، فلسطين. الحرية. الاستقلال. العدل. المساواة. الربيع. اكتب يا ولد، ماذا أيضاً اكتب.
كان الولد صغيراً، وكتب «فلسطين. حرية. عدل». رقص الولد طرباً. ماذا بعد؟ أكتبت أن التاريخ يبدأ اليوم؟ بسذاجة تساءل الولد: وماذا عن صلاح الدين، وخالد بن الوليد، وعمر بن الخطاب، وطارق بن زياد؟ قلت لك اكتب يا ولد: اللواء عبد الكريم قاسم، الملقب بـ«الزعيم الأوحد»، وابن خالته، كامل المهداوي، قاضي القضاة، والمشير عبد الله السلال، اكتب، الأخ القائد الذي صرّح بأن راتبه 400 دولار. اكتب.
راح الولد يكتب ويتقدم في السن. حل محل الانقلاب انقلاب آخر. خرج العسكر من الثكنات وملأوا الشوارع والمكاتب. ماتت التنمية. زهق المستقبل. صارت فلسطين عنوان الهزيمة، لكن البحث عنها ظل مستمراً. كبر الشاب ورأى بلاد الآخرين تمتلئ باللاجئين العرب بالملايين. والجفاف يقتل الحصاد، والعربي يقرأ حالة الطقس باللغة الفصحى، والمدن ثكنات صامتة، والقمامة تملأ الشوارع والفقراء يبحثون فيها عن طعامهم، والانقلاب يلقي التحية العسكرية ويعلق المزيد من النجوم والأوسمة.
منذ تلك اللحظة، صار كل شيء يشبه الانقلاب. عقم بلا نهاية وبلا حدود. وفكر مكموم. وتدهور يومي في العلم. وطلاب المدارس يبدأون يومهم بنشيد الزعيم أو لينين، كما كانوا يفعلون في اليمن الجنوبي. وعد الانقلاب بالذهاب حال إعادة «الأشياء إلى طبيعتها». ثلاثون. أربعون سنة. الحق على الأشياء، فهي التي لم تعد إلى طبيعتها. صار عمر الانقلاب العربي نحو 70 سنة. والولد صار عجوزاً. وهو يحمل عصاه ويشير إلى الخريطة العربية أمامه.
أوقف الانقلاب العربي النمو والتنمية والتطور والتقدم والتحديث. مناطق هائلة لا تزال تعيش كما كانت أيام جدودنا. لا يزال الآلاف يأتون كل يوم إلى الحياة من دون أن يشرح لهم أهلهم لماذا يأتون بهم إلى عالم ليست فيه مدارس أو طعام أو كهرباء. كل ما فيه دبابة ذاهبة إلى فلسطين، عندما تعثر على وقود!

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرّة الأوسمة مجرّة الأوسمة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 10:36 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

البرازيلي بيليه يكشف أهم مزايا الفرنسي مبابي

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 17:59 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

ترامب يغادر مؤتمره الصحفي بشكل مفاجئ

GMT 13:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اصابة رئيس بلدية الزعفران بكورونا في الكاف

GMT 17:18 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد العوضي يشارك متابعيه بصورة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia