سنة للأمام سنة للأجمل

سنة للأمام.. سنة للأجمل

سنة للأمام.. سنة للأجمل

 تونس اليوم -

سنة للأمام سنة للأجمل

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

لا نغادر سنة، ولا نستقبل سنة، إلا ونذكر الرحيل قبل الاستقبال، نذكر ما مضى، لا ما هو آت، نشدّ الرحال مع الراحلين، ننقل أحلامنا، وأوهامنا، وأمنياتنا، وشعورنا بأننا وصلنا أو لم نصل، نجحنا أو لم نستبشر بالنجاح.
لسنا وحدنا في الدروب الراحلة، لسنا وحدنا في محطات القلب، والأمل، والبحث عن الطقوس الجديدة، والمدن الجديدة، وخرائط التضاريس الجديدة، فمن الحلم إلى الحلم ثمة أطفال ينقلون معهم ألعابهم إلى زوايا جديدة، يكادون يخبئونها عن بعضهم بعضاً، وتكاد الألعاب تشكو بعضهم إلى بعض! ولكن الفرح الآتي من براءة الأطفال هو أول الراحلين في نهاية عامنا المنصرم، غصات هنا، ونشيج هناك، حزن وأسى هنا، وقليل من الفرح هناك.
ثمة جدات وأمهات طيبهن العطر، وعطرهن الخير، يبتهلن ابتهالات الحب الأبدي، المتجدد مع شمس الصباح الجديد، يفطرن على الدعاء للغائب البعيد الذي تأتي محادثاته القليلة، متكاسلة وقصيرة من هناك، ثمة أخوات لهن رائحة الزعفران، وطعم الهيل، ما زلن يبحثن عن أسماء لبكور إخوانهم من الذين لم تأسرهم بنت الحلال بعد، ثمة نساء يشعلن القلب، يصلن الدعاء بالدعاء، والحب بالعتب، والحنان بالغضب، لا يحبذن الخروج من دائرة السكون إليهن، والركون تحت فيء غيمتهن، ولا تزعل، ولا تحنق، لأنهن عنوان الحب، ولا يتعبن من ثقله، ووزر حمله، ثمة عمال أجهدهم السهر، وأعباء اللقمة الحلال، وثمة موظفون أعياهم الإخلاص، فلم يهنوا ولم يحزنوا، ثمة أناس كثر لهم زواياهم، ولهم آمالهم، ولهم آلامهم.
إنهم يرحلون من عام إلى عام، وترحل معهم مدنهم الصغيرة، وقراهم البعيدة، وبحورهم التي لم يروا زرقتها منذ أعوام، ترحل معهم شوارعهم التي كانوا يعرفونها، واليوم تتغير بسرعة بعيدة عنهم، ترحل معهم سياراتهم مستودع أمانيهم وذكرياتهم القديمة، ترحل معهم حدائق الورد في بيوتهم أو في أحلامهم. 
ترى هل ترحل معنا كل أشيائنا إلى العام الجديد؟ وهل يليق النسيان بما مضى من عام أو أيام، من سنوات الحب والحلم وذكريات الطفولة، والشب عن الطوق، وملابس الرجولة، وسفر الذاهبين، كلمات المودعين، ضحكات الأصدقاء، لحظات الوجد والعشق، وصوفية الهيام، المحطات التي أوصدت بواباتها أمام جنوح التحليق، ومزاغاة الريح، المحطات التي شرّعت بواباتها أمام أشيائنا الجميلة الملونة.
هو إذن رحلينا الخاص في رحيلنا العام، رحيل الفراشات في دروب الندى، هكذا هي تطير، ولا تعرفها، تسير في درب شذى جنان الورد، تتبع أريج الإقحوان، وعبير زهر الليمون، وعبق الرمان، أو يسحرها وهج لسان النار، فتغادر فرحة بحلمها، وبريق براءتها نحو اللون المخادع في الليل، فتقتلها رائحة أجنحتها الرهيفة، والناعمة، والملونة.
إلى كل الغالين والغاليات.. الساكنين القلب، الماكثين في الذاكرة، سنة جميلة بكم، وسعيدة معكم.. ودمتم بالحب، وعشتم للحب.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنة للأمام سنة للأجمل سنة للأمام سنة للأجمل



GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 12:41 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

نحن وفنزويلا

GMT 12:39 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

رحلة لمعرض الثقافة

GMT 12:37 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

ذكرى 25 يناير

GMT 12:35 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

فى الصراع الأمريكى - الإيرانى: حزب الله فى فنزويلا!

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia