نقابة أم «قسم شرطة»

نقابة أم «قسم شرطة» ؟

نقابة أم «قسم شرطة» ؟

 تونس اليوم -

نقابة أم «قسم شرطة»

د. وحيد عبدالمجيد

حين يكون تطور المجتمع المدنى محتجزاً لأسباب تاريخية متراكمة أو لعوامل سياسية راهنة، يعجز العقل أحياناً عن تصديق ما يمكن أن يبلغه التدهور فى بعض أهم هيئات هذا المجتمع، مثل النقابات المهنية.

وقد اجتهدت قبل أسابيع فى محاولة فهم تنصيب نقيب المهن الموسيقية وبعض أعضاء النقابة أنفسهم رقباء على الأخلاق فى مجال هو بطبيعته يسمو بروح الإنسان. فما الأخلاق والفضائل كلها إلا تجليات لهذه الروح حين تكون فى حالة طيبة. وليس أكثر من الموسيقى تأثيراً فى هذه الحالة. ويعنى ذلك أنه كلما انتشر الاهتمام بالموسيقى والوعى بها فى المجتمع، وازدادت أعداد الموسيقيين والمغنين والمؤلفين والملحنين، وظهر مزيد من الفرق الجديدة، تصبح حالة المجتمع أفضل روحياً ومعنوياً، ومن ثم أخلاقياً وسلوكياً.

ومفهوم الأخلاق هنا أعمق بكثير من الفهم التقليدى الرجعى له، والذى تختلط فيه توجهات محافظة بنزعات سلفية وأخرى دينية متشددة. وهذا هو المفهوم الذى يحصر الفضيلة فى ملابس النساء، بحيث تصبح المرأة أكثر أخلاقاً كلما قل ما يظهر منها رأساً ووجهاً وجسداً، وفيما يرتديه الشباب الذين تُعد أخلاقهم أفضل كلما تشبهوا بالعواجيز فى ملابسهم.

ومن المؤلم أن يكون هذا هو مفهوم بعض القائمين على نقابة المهن الموسيقية الذين سبق أن نبهتُهم فى «اجتهادات» يوم 23 سبتمبر الماضى إلى أنه لا يليق بأى فنان مهاجمة زميلات وزملاء له بدعوى أن ملابسهن خليعة، أو أن ملابسهم غير لائقة. فلا علاقة أصلاً لأية نقابة بما ترتديه عضواتها أو يلبسه أعضاؤها.

ولذلك نقول مجدداً لمن سعوا للحصول على «ضبطية قضائية» إنه ليس من وظائف أية نقابة مهنية أن تطارد أعضاءها بسبب ما يرتدونه من ملابس، ولكن عليها محاسبتهم على التزامهم بالمعايير الفنية فى أعمالهم، أى الاهتمام بالمحتوى وليس بالشكل. كما ننبههم الى خطر استخدام هذه «الضبطية» فى مطاردة المواهب الجديدة فى أوساط الشباب الذين لم ينضموا إلى النقاية بعد، وإيجاد صيغة مناسبة لعلاقتهم بها إلى أن يصبحوا أعضاء فيها، لأن دورهم هو دعم الفن ونشره فى المجتمع وليس القضاء عليه. وإذا كان هناك من لا يحرصون على مهن راقية شاء القدر أن يكونوا مسئولين عنها، فليرحموا مصر التى لم تعد تحتمل المزيد من الإساءة إلى صورتها فى العالم اذا بدا أن نقاباتنا الفنية تتحول الى ما يشبه أقسام الشرطة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقابة أم «قسم شرطة» نقابة أم «قسم شرطة»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia