إسكات صوت الضمير

إسكات صوت الضمير

إسكات صوت الضمير

 تونس اليوم -

إسكات صوت الضمير

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

لا نجد حتى اليوم جواباً شافياً عن دلالات الاهتمام العالمى الواسع بمحنة 12 صبياً ومدربهم احتُجزوا داخل كهف فى تايلاند, بعد أن توغلوا داخله هرباً من طوفان أمطار غزيرة إلى أن أصبحوا عاجزين عن الخروج منه. بدا لأكثر من أسبوعين كما لو أن المجتمع الدولى يفيض بمشاعر إنسانية جياشة خوفاً على المحتجزين فى الكهف.

وازداد التعبير عن هذه المشاعر النبيلة عندما قيل إن إخراجهم من الكهف يتطلب أسابيع طويلة، قبل أن يتم إخراجهم بعد 17 يوماً. كان الموقف الذى وجد أولئك الصبية أنفسهم فيه رهيباً، ودافعاً للتعاطف الواسع الذى أعطى انطباعاً بأن النزعة الإنسانية تضفى ظلالها الرحيمة على المجتمع الإنساني.

غير أنه حين نبتعد قليلاً عن ذلك الكهف الذى شغل كثيرين، لا نكاد نرى شيئاً من المشاعر الإنسانية الجياشة التى غمرت من كانوا محتجزين داخله، وأوحت بأننا نعيش فى عالم لا يُترك فيه من يحتاج إنقاذاً لمصيره. من تايلاند التى اتجهت الأنظار إلى ذلك الكهف فيها، وغيرها من جيرانها فى جنوب شرق آسيا، إلى أقصى طرف فى العالم، مئات الملايين يستحقون إنقاذاً من أخطار متعددة ومتنوعة دون أن يحفل أحد بهم. فى العالم اليوم مئات الملايين من الأطفال والصبية يتضورون جوعاً، ويبيتون فى العراء، أو يُسحقون فى نزاعات مسلحة، أو يتعرضون لأشكال من التمييز. وكم كان مخيفاً عنوان تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة عن العام الماضي: (2017 عام مروع للأطفال). أما محتوى التقرير فهو أكثر ترويعاً من عنوانه. خذ مثلاً عدد الأطفال الذين تم استخدامهم دروعاً بشرية، أو أُجبروا على الانخراط فى قتال، أو استُغلوا فى جرائم متنوعة، ناهيك عمن قُتلوا، أو فقدوا حياتهم جوعاً أو مرضاً. ولذلك رفع مدير برنامج الطوارئ فى هذه المنظمة صوته لعل أحداً يسمعه، وحذر أن الاستهانة بالأخطار التى تهدد الأطفال فى العالم تجعلها أموراً معتادة.

وإذا كانت مأساة صبية كهف تايلاند أوجعت المستهينين بهذه الأخطار، ألا نكون إزاء محاولة لإسكات أصوات ضمائرهم، ومحاولة إقناع أنفسهم بأنهم يفعلون ما يستطيعون، وهم يتجاهلون مآسى أطفال يستعصون على الحصر فى عالمنا؟ .

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسكات صوت الضمير إسكات صوت الضمير



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia