لم يكره أعداءه

لم يكره أعداءه

لم يكره أعداءه

 تونس اليوم -

لم يكره أعداءه

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

هل يمكن أن تحارب عدواً سلبك حقوقك الوطنية والعامة والخاصة دون أن تكرهه؟ السؤال يبدو غريباً لأن كراهية الأعداء أمر معتاد ومألوف فى أى صراع، بل يعتبر طبيعياً لدى كثيرين.

لكن الأمر ليس كذلك حين يتعلق هذا السؤال برجل سيظل رمزاً للنضال من أجل التحرر الوطنى والاجتماعى، وليس للكفاح ضد التمييز العنصرى فقط، مثل نلسون مانديلا الذى تحل الذكرى المئوية الأولى لميلاده بعد أيام.

لم يكره مانديلا الأقلية البيضاء التى هيمنت على جنوب إفريقيا، ومارست أشد أنواع الاضطهاد فى حق السود أصحاب البلد والأرض، وأقامت نظام فصل عنصرى أبارتيد يُضرب به المثل فى ظلمه وقسوته.

من يقرأ سيرة مانديلا، التى نقلتها إلى اللغة العربية باقتدار د. فاطمة نصر، يعرف أنه لم يكره الرجل الأبيض، بل نظر إليه فى شبابه بشىء من الإعجاب. ولم تكن تجربته مع البيض فى شبابه من النوع الذى يدفع إلى كراهيتهم، فضلاً عن أن تكوينه الشخصى المنفتح والمتسامح يجعله من البشر الذين لا يحملون ضغائن تجاه الآخرين. وكثيراً ما تحدث عن أنه لم يحمل عداء تجاه أشخاص بيض، بل إزاء نظام ظالم. كما رأى أن ظلم هذا النظام طال البيض بدورهم لأنه جعلهم مكروهين0

قدم مانديلا نموذجاً نادراً فى الكفاح من أجل التحرر، وختمه بالترحيب بمبادرة دى كلارك آخر رئيس أبيض لجنوب إفريقيا فى فبراير 1990، وكانت نقطة البداية باتجاه هدم نظام الفصل العنصرى، والدخول فى مفاوضات أصر على مواصلتها رغم بطء حركة شركائه البيض فيها. وسعى إلى إقناع المتشددين من أبناء وطنه السود بمنح فرصة للسلام، وإحباط التصعيد المتبادل، إلى أن تم الاتفاق فى أبريل 1994 على إجراء أول انتخابات وطنية غير عنصرية تقوم على أساس صوت لكل مواطن، وحصل حزبه (المؤتمر الوطنى الإفريقى) على أغلبية أتاحت انتخابه رئيساً للبلاد.

وحدد مهمته فى تلك المرحلة، بأن يعمل من أجل التوفيق وبناء الثقة فى مجتمع مزقه التعصب، وأحدث فيه جروحاً غائرة. وكانت رسالته للسود أن يغفروا دون أن ينسوا، وللبيض أن يبقوا فى جنوب إفريقيا ويطمئنوا على حياتهم وحقوقهم وممتلكاتهم. ولذا، ترك أحد أفضل النظم فى مجال العدالة الانتقالية على المستوى الدولى.

المصدر" الأهرام
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضروروة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يكره أعداءه لم يكره أعداءه



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 15:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 17:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 10:55 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

الإصابة تحرم منتخب سورية من نجم الأهلي

GMT 03:18 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 23:50 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

8 طرق سهلة للحصول على بشرة لامعة وجميلة

GMT 04:30 2013 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

"نسيان" تعلن تخفيض سعر سيارة "ليف"

GMT 20:57 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

نبيل الكوكي يستقيل من تدريب الرمثا الأردني
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia