حتى فى «الجــو»

حتى فى «الجــو»؟

حتى فى «الجــو»؟

 تونس اليوم -

حتى فى «الجــو»

د. وحيد عبدالمجيد

شاشات التليفزيون فى رمضان شاهدة على مدى الازدياد فى حالة التهافت والضحالة وضآلة العقل من عام إلى آخر. فهذه حالة لا نهاية لها بدون مراجعة السياسات العامة التى أدت إليها على كل صعيد، بدءاً من السياسات الاقتصادية وليس انتهاءً بالسياسات التعليمية والثقافية.

وعندما يدخل أى مجتمع فى هذه الحالة تغمره طاقة سلبية تُفرز أسوأ ما فيه على نحو لا يفيد كلام رسمى معسول عن المستقبل فى تغطيته، ولا فى الحد من أخطاره.

وإذا كانت ضحالة الدراما التليفزيونية شاهدة أولى على حالة التهافت العام من خلال مقارنة يسهل إجراؤها بين ما يُقدم فيها من عام إلى آخر، فلدينا شهادة ثانية ينطوى عليها نوع جديد من البرامج يناسب هذه الحالة تماماًُ، وهو ما يُطلق عليه زبرامج المقالبس. وهناك من يرى هذه البرامج امتداداً لما يُطلق عليه «الكاميرا الخفية». غير أن هذا التقدير ينطوى على خلط بين نمط فكاهى خفيف يتضمن فكرة فنية ما حين يصنعه محترفون، وآخر لا صله له بالفن ولا يحمل أي قيمة، إذ يعتمد على خداع ساذج ومكشوف، ويستغل تردى حالة العقل فى المجتمع. ويحدث هذا الخداع عادة فى أحد اتجاهين. أولهما خداع الضيف الذى يرى صانعو زالبرنامجس أنه يمكن التلاعب به. ولكن هذا الاتجاه يقل بالضرورة عاماً بعد عام، لأنه يصبح مكشوفاً وخاصة فى ظل استمراره بنفس صانعيه. ولذلك يزداد الاتجاه الثانى وهو خداع الجمهور عوضاً عن التلاعب بالضيوف الذين أصبح معظمهم قادرين على إدراك حقيقة «البرنامج». وفى ظل تنامى هذا الاتجاه الثانى، يتم اللجوء إلى ضيوف يستطيعون تقديم مشاهد «المقلب» بطريقة متقنة، والمشاركة فى خداع المشاهد لكى يظن أنهم لا يعلمون مسبقاً طبيعة هذا «البرنامج». ولا خفة فى هذا النوع من «البرامج» أو فكاهة، ناهيك عن فكرة أو مسحة إبداع. فهذه برامج ثقيلة الدم والوطأة والتكلفة، ومعبرة عن المدى الذى تبلغه حالة التهافت فى المجتمع.

كما أنها زبرامجس محدودة الأفق للغاية، ولا مجال لتجديد فيها إلا عبر مزيد من التهافت. فإذا ضاقت الأرض بها بسرعة، انتقلت إلى الجو كما يحدث هذا العام، حيث أصبح الخداع منصباً على الإيحاء بأن الطائرة التى يستقلها الضيف مع طاقم «البرنامج» مهددة بالسقوط.

غير أن ما يسقط فى الحقيقة هو المجتمع وقوته الناعمة وعقله. وهذه حالة سقوط فى بئر تبدو بلا قاع حتى الآن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى فى «الجــو» حتى فى «الجــو»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia