تدنى قيمة الإنسان

تدنى قيمة الإنسان

تدنى قيمة الإنسان

 تونس اليوم -

تدنى قيمة الإنسان

د. وحيد عبدالمجيد

عندما يُقاس الإنسان بما يملكه من مال، ويصبح الأكثر ثراء هو الأعلى مرتبة، يكون المجتمع قد أخذ طريقه إلى هاوية قد لا ينجو منها إذا لم يحدث تغيير فى نسق القيم السائد فيه.

أما حين يُقاس الإنسان بحجم استهلاكه ونوعه، وقدرته على امتلاك سلع لا يحتاج إليها والتمتع بخدمات لا تفيده فى شىء ، يكون هذا المجتمع قد سقط فى الهاوية بالفعل.

غير أن هذه هاوية بلا قاع. ولذلك لا يدرك من يسقطون فيها أين صاروا، ولا إلى أين يتجهون. وهم لا يعون هول ما يفعله فيهم التطور المذهل فى تقنيات الإعلان التجارى والتسويق والترويج. فقد أنتج هذا التطور حالة يزداد فى ظلها الطلب على ما لا يحتاجه الناس، وينتشر عبرها التطلع إلى اقتناء سلع لا ضرورة لإنتاجها أصلاً، ويتنامى بواسطتها تحول الاستهلاك إلى هدف فى حد ذاته، وتتدنى بسببها قيمة العمل والإنتاج.

ولا يعرف من يقعون أسرى هذه الحالة أنهم فقدوا القدرة على التمييز والاختيار، وصاروا عبيداً فى منظومة تحدد لهم حاجاتهم بالنيابة عنهم، وتنتج لهم ما يلبى هذه الحاجات المصنوعة. وفى هذه المنظومة الجهنمية، ينفلت الاستهلاك من المعايير العقلية للحاجات المادية الأساسية التى ينبغى الوفاء بها، ويتجاوز الإنتاج غايته الأساسية وهى إشباع هذه الحاجات مادام هناك تقدم مهول فى ترويج ما يُنتج دون أن تكون هناك حاجة إليه.

ولا يدرك من يقعون فى حبائل هذه المنظومة أنهم باتوا فى حالة اغتراب تم استيعابهم فى جوانبها المتعددة بما تشمله من أشياء وعلامات تجارية وموضات جديدة، وما تقترن به من رموز ودلالات.

وهم لا يعون أيضاً أنهم صاروا جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة التى بلغت عملية تنميط السلع فى ظلها مستوى لم يكن أحد يتخيله فى بداية الثورة الصناعية مهما اشتط به الخيال. وبعد أن كانت هذه الحالة محصورة أو على الأقل مركزة فى حدود معينة مثل تجديد السيارة والمنزل والساعة، فضلاً عن الملابس بطبيعة الحال، أصبحت تشمل كل شىء

ولكن أهم ما يغفله المرء، وقد صار أسير هذه المنظومة، أن قيمته الإنسانية تتدنى بمقدار استغراقه فيها واستعبادها له.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تدنى قيمة الإنسان تدنى قيمة الإنسان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia