بقلم : مكرم محمد أحمد
لعارض شخصى طارئ، فاتنى افتتاح محور روض الفرج أهم محاور الشبكة القومية للطرق المصرية، هذا العمل الهندسى الجبار الذى يربط مناطق شمال القاهرة وشرقها مع مدينة نصر ومصر الجديدة ومنطقة جنوب القاهرة وصولاً إلى مدينة الشيخ زايد ومحور الضبعة فى زمن قياسى، متجنباً المرور فى قلب العاصمة، ويصل طوله إلى 35 كيلو متراً، ويتشكل من 6 حارات مرورية فى الاتجاه الواحد، أربع حارات للسيارات وحارتان للأتوبيسات ويسمح بفتحة ملاحية عرضها 300 متر لعبور السفن، وتكلف 6 مليارات جنيه، وتم تشييده فى زمن قياسى بلغ 3 سنوات ونصف، لم ينقطع خلالها العمل ليل نهار، وزاد حجم العمل فيه عن حجم الأعمال التى تطلبها كوبرى 6 أكتوبر الذى استغرق تنفيذه 17 عاماً، وينطوى محور روض الفرج على عدد من المشروعات الهندسية العملاقة، أبرزها الكوبرى المُعلق على نهر النيل، أول كوبرى مُعلق لا يستند إلى أساسات داخل المجرى الملاحى للنهر، يتم تنفيذه بأياد مصرية، كما يدخل محور روض الفرج ضمن موسوعة جينز التى تضم الأرقام القياسية فى العالم، باعتباره أعرض كوبرى فى العالم، يتجاوز عرضه 3ر67 متر، وهو أحد علامات العمارة المصرية الجديدة التى تتسم بالرحابة وسعة الأُفق، لا يقيد نظامها عامل الزحام، وتتسع لأهداف جمالية وإنسانية تخص الذوق العام، ويضُم على جانبيه ممشى بطول الكوبرى عرضه أربعة أمتار بهدف الاستمتاع بالمرور فوق النهر، تخرج الإنسان من حالة الزحام التى تضيق عليه الخناق وتُشعره بأن العالم أكثر رحابة من حوله، وتمكنه من تذوق شعارات جديدة تتمثل فى مُتعة التنزه فوق الكوبرى فى ممشى خاص أُقيم خصيصاً لهذا الهدف التى لا تعادلها مُتعة أخرى.
فى الثامنة من صباح أول أمس كان موعدى مع العميد أيمن المُشرف على تنفيذ محور روض الفرج فى مكتبه النقالى وسط مساكن الحى كى أعوض ما فاتنى، خاصة أن المحور الذى يتسمى أيضاً بمحور تحيا مصر هو واحد من أهم محاور الشبكة القومية للطرق التى تغطى الآن أكثر من 8 آلاف كيلو متر، فضلاً عن أن ميزته الأساسية أنه يربط مناطق شمال وشرق القاهرة مع منطقة غرب القاهرة فى مدينة الشيخ زايد وصولاً إلى الضبعة فى غضون نصف ساعة فقط، كما أنه يشكل أحد محاور التنمية المهمة لأنه يقوم وسط مشروع زراعة المليون ونصف المليون فدان من الأراضى الجديدة التى توسع مساحة الرُقعة المنزرعة فى مصر .
وما يميز العمل فى محور روض الفرج الحرص على جماليات المشروع التى تجعله واحداً من أهم أهدافه إسعاد الإنسان ومتعته خاصة مع وجود هذا الممشى الخاص بعرض 4 أمتار الذى أقيم لأول مرة كى يستمتع المواطن بفرحة التنزه على النهر، بما جعل المحور مقصداً سياحياً مهما للمصريين، يرون منه أعرض كوبرى فى العالم، ويتمتعون بهذا الممشى الزجاجى البديع الإنارة ليلاً، يسر النفس ويبعث البهجة فى الفؤاد، ولعل أهم ما يميز محور روض الفرج أنه مكن المقاولون العرب من حُسن أداء الكبارى المُعلقة وفتح المجال أمامهم داخل إفريقيا لتنفيذ الكبارى المُعلقة بميزاتها المهمة فى تقليل القواعد والأساسات داخل المجارى المائية وتقليل الصعاب والعقبات التى تعيق المرور الملاحى داخل المجرى المائى. وما من شك أن خبرة العمل فى مشروع ضخم يقام وسط هذا الزحام السكانى الكبير فى منطقة روض الفرج بما يحويه من مشكلات تتعلق بتعويضات الأهالى المضارين، وحل هذه المشكلات، والانتهاء من تنفيذ المشروع فى موعده دون تأخير، يكشف عن مرونة أداء عالية وكفاءة إنجاز ضخمة لمشروع عملاق كان قوامه الرئيسى مليون متر مكعب من الخرسانة و290 ألف طن من الحديد، وعمل لم يتوقف خلال الإجازات والأعياد على امتداد 3 أعوام ونصف لأكثر من 4 آلاف عامل معظمهم فى سن الشباب، بما يؤكد القدرة المصرية المتزايدة على تحقيق معدلات إنجاز عالية تؤكد قوة الإرادة الوطنية وتصميمها على النجاح.