مصر والسعودية 1 2

مصر والسعودية (1- 2)

مصر والسعودية (1- 2)

 تونس اليوم -

مصر والسعودية 1 2

بقلم : عمرو الشوبكي

زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة زيارة مهمة، شكل البعد الاقتصادى جانبها الأبرز، وشملت اتفاقات تجارية ومضاعفة الاستثمارات، بالإضافة لإعطاء القاهرة ما تحتاجه من المشتقات النفطية لمدة 5 سنوات قادمة، ودون أن يعنى ذلك غياب الأبعاد السياسية التى ظلت حاضرة فى مسار العلاقات المصرية- السعودية.

والحقيقة أن العلاقة المصرية- السعودية هى علاقة تاريخية قديمة عرفت اتفاقات واختلافات كثيرة، وربما تطوع الملك سلمان فى ريعان شبابه للقتال مع الشعب المصرى ضد العدوان الثلاثى يؤكد أن التوافق المصرى- السعودى كان كبيرا حتى أثناء وجود نظم سياسية متصارعة (نظام عبدالناصر الاشتراكى التحررى فى مواجهة النظام الملكى المحافظ فى السعودية).

أن يتطوع الملك سلمان، ومعه الملك فهد والأمير تركى فى مصر لمحاربة العدوان الثلاثى، يعنى أن قرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس فى ذلك الوقت نال دعم النظم الملكية والقوى الثورية على السواء، لأن التحدى كان خارجياً والمواجهة كانت ضد الاستعمار، وعلينا أن نتصور معنى ودلالة أن يختار أمير مرفه سليل عائلة ملكية أن يقاتل فى بلد عربى آخر.

الدلالة الإيجابية لتطوع أبناء الملك عبدالعزيز بن سعود لمواجهة العدوان الثلاثى تكررت مرة أخرى مع الدعم السعودى لمصر بعد هزيمة 67، وأيضا وقف الملك فيصل ضخ البترول إلى أمريكا والدول الأوروبية مع انتصار 73.

ورغم هذه المشاهد شديدة الإيجابية فى تاريخ العلاقات بين البلدين، فإن هذا لم يمنع اختلافهما فى جوانب كثيرة نتيجة تصور كل نظام أن قوته فى نشر نموذجه على حساب الآخر، فاعتبر الخطاب الناصرى فى ذلك الوقت السعودية نموذجا للنظم الرجعية التى تقف ضد إرادة شعوبها، واعتبرت السعودية أن نظام عبدالناصر لم يكن نظاما عاقلا وورط مصر والعالم العربى فى حروب لا طائل لها.

والحقيقة أن المتغير الأكبر الذى حدث فى العلاقات المصرية والسعودية كان هو الاعتراف باختلاف الخبرات التاريخية بين كلا البلدين، وأن مصر لديها إرث جمهورى ونظام دستورى ومدنى يحاول أن يكون حديثا، وأن السعودية لديها نظام ملكى راسخ له تقاليد، ويحمل من داخله فرصاً للإصلاح والتقدم.

والمطلوب هو الاعتراف بخصوصية كل خبرة تاريخية واحترامها، ومواجهة أى محاولات لهدمها أو تفكيكها، ولذا ليس بالمستغرب أن تجد ملايين المصريين والسعوديين يحبون الراحل السعودى الكبير الملك فيصل والزعيم الراحل جمال عبدالناصر لمواقفهما القومية من ناحية، ولأن قضية الاختلاف فى شكل النظم السياسية لم تعد هى المتغير الرئيسى فى تحديد قوة العلاقات بين الدول من ناحية أخرى.

لماذا بقيت بريطانيا ملكية وفرنسا جمهورية؟.. هذه أسئلة يجيب عنها أساتذة التاريخ والاجتماع السياسى، ولكن كليهما ظل فى كيان واحد اسمه الاتحاد الأوروبى، والأمر نفسه ينسحب على مصر والسعودية، فالأولى ستظل جمهورية والثانية ستبقى ملكية، وليس فى مصلحة أحد أن يغير طبيعة النظام فى كل بلد كما تصور البعض فى الماضى.

مصر والسعودية خبرتان مختلفتان، ومع ذلك وقفتا فى خندق واحد حين كانت التهديدات الخارجية تحيط بالعالم العربى، سواء فى مواجهة العدوان الثلاثى أو العدوان الإسرائيلى، والآن هناك تحديات هائلة، فهل هناك ما يعوق هذه العلاقة الاستراتيجية، وكيف يمكن دفعها أكثر نحو الأمام على ضوء الزيارة الناجحة للملك سلمان بن عبدالعزيز؟.. هذا حديث الغد إن شاء الله.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسعودية 1 2 مصر والسعودية 1 2



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia