أطباء وممرضون وأمناء

أطباء وممرضون وأمناء

أطباء وممرضون وأمناء

 تونس اليوم -

أطباء وممرضون وأمناء

عمرو الشوبكي

حين يحتج الأطباء اعتراضاً على اعتداءات متكررة فى المستشفيات، وحين يقوم بعض الأمناء بالاعتداء على عدد من أطباء المطرية، فإن النقاش العام يجب أن يركز على محاسبة المخطئين من رجال الشرطة وعدم التستر عليهم، وتصحيح أوجه القصور والخلل داخل الوزارة، بصرف النظر عما إذا كان هناك أطباء يرتكبون أخطاء جسيمة، فهم أيضا يستحقون المساءلة مثلهم مثل التمريض وغيرهم من الطواقم الطبية.

ويقيناً أن تجاوزات الشرطة تزايدت فى الفترة الأخيرة حتى وصلت إلى قيام البعض بجرائم قتل بسبب خناقة سير، وهو تحول نوعى بعد أن كان ثمنه علقة فى قسم الشرطة لا أن يفقد المواطن غير المسنود حياته مثلما جرى مع شاب الدرب الأحمر، ومع ذلك لن يكون إصلاح الشرطة ومواجهة أخطاء بعض أفرادها بحملات تحريض لا تجعلنا نستمع لمشاكلها الحقيقية التى يعيشها شباب الضباط والأفراد على أرض الواقع، ولن يكون أيضاً بالطريقة الأمنية البدائية التى لا تتغير فى اعتقال عدد من الأمناء كانوا متجهين لمدينة الإنتاج الإعلامى وفوجئنا بأنهم يحملون مخدرات وأسلحة.

إن التعامل مع مشاكل كل فئة ومؤسسة يتم بطريقة تعمّق مشاكلها ولا تحلها، فمشاكل الأطباء تتم بتحريض الإعلام والأمن، ثم بعد ذلك نقابات التمريض والعلاج الطبيعى والصيادلة حتى وصل الأمر إلى بث خطاب الغيرة الفئوية والكراهية بصورة فجة فى أحد برامج التحريض، حين وصفت نقيبة التمريض موضوع «كرامة الأطباء» بأنها كلمة حق يراد بها باطل، وأن «أكثر التعديات التى تحدث على التمريض نتيجة عدم وجود أطباء بالمستشفيات»، وأن «تقصير الأطباء يجعل الممرضات يتعرضن للاعتداء».

والحقيقة أن الطريقة العرجاء التى نواجه بها مشكلاتنا الكثيرة لم تتغير منذ نهايات عهد مبارك حتى الآن، فمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية بخطاب الأجندات الخاصة وحملات التحريض والكراهية، لندارى بها الفشل وانعدام الكفاءة وغياب الحد الأدنى من الأدوات السياسية فى التعامل مع التنوع والصراع الموجود داخل المجتمع، ستعمق من مشاكلنا.

فأزمات الأطباء ستحل من خلال الحوار والتفاوض مع أطراف حكومية سياسية (غير موجودة)، ومشاكل الشرطة لن تحل بتحويل كل عناصرها إلى متهمين والضغط عليها حتى الانفجار، إلى جانب غياب العدالة الناجزة وإحساس قطاع واسع من المواطنين بأن هناك محصنين، خطابهم على هوى النظام الحاكم فيسمح لهم باستباحة مصر كلها، وتعتبر شتائمهم وسبابهم وتحريضهم حرية رأى وتعبير، فى حين أن الوقفة المسالمة لطبيب مصرى مرموق، هو أحمد سعيد، على كوبرى أكتوبر، كلفته السجن لأشهر طويلة حتى الآن.

فى مصر هناك منظومة خربة ولا يوجد أى جهود تُذكر لإصلاحها، فهل فُتح نقاش عن مستقبل معهد أمناء الشرطة، وما هو البديل العملى والتدريجى لنظام أمناء الشرطة إذا قررنا تغييره؟ وما هو السبيل لإصلاحه وتطويره إذا قررنا الإبقاء عليه؟ وكيف نحاسب المخطئين من رجال الشرطة بصرامة وشفافية دون أن يشعر باقى الأفراد بأنهم مخطئون ومتهمون؟ وكيف يكون الحساب صارماً دون أن يطالب البعض بتحويلهم إلى محاكمات عسكرية وينسى أو يتناسى أن الشرطة هيئة مدنية؟ وفى النهاية كيف تقنع القيادة السياسية مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الشرطة، بأن الإصلاح والهيكلة تعنى عملا علميا وسياسيا وليس انتقاميا، وهو لصالح أغلب العاملين فى الجهاز الشرطى، ويُفترض أن يواجه التفاوت الهائل بين الرواتب على أساس الواسطة وليس الكفاءة والعطاء والتضحية؟

الحكم فى واد والواقع فى واد آخر، ولن تُحل مشاكل الشرطة بشتمهم، والأطباء بالتحريض ضدهم، والشباب بتخوينهم، ونضع الجميع داخل قفص الاتهام ونتصور أننا ننجح، والحقيقة أننا ندارى الخيبة الثقيلة بالعجز عن مواجهه المشاكل الحقيقية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطباء وممرضون وأمناء أطباء وممرضون وأمناء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 13:52 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 29-10-2020

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 08:12 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

راشد الغنوشي يعاين الأضرار نتيجة الحريق في مقر النهضة

GMT 08:52 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

اصدار ديـوان الشعر السوري لمحمد سعيد حسين

GMT 18:58 2015 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي أنيجو يدخل قائمة المرشحين لتدريب المغرب الفاسي

GMT 09:09 2013 السبت ,16 آذار/ مارس

"كيوتل" تدرس شراء حصة اتصالات في المغرب
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia