نزيف الشهداء

نزيف الشهداء

نزيف الشهداء

 تونس اليوم -

نزيف الشهداء

بقلم : عمرو الشوبكي

سقط 18 شهيدا فى سيناء فى عملية إرهابية جديدة قبل أن تجف دماء الشهداء الـ25 الذين سقطوا فى شهر يوليو الماضى فى رفح المصرية، ويستمر نزيف شهداء الإرهاب بلا توقف دون أن يقدم مسؤول واحد شرحا أو تفسيرا لأسباب تصاعد الإرهاب واتساع دائرته، رغم كل المواجهات الأمنية.

والحقيقة أن استمرار الإرهاب فى مصر يعنى أن معركة الإرهاب لن تُحسم بالسلاح، وهناك فرق بين أنه لا يمكن مواجهة مَن يرفع السلاح إلا بالسلاح، وبين الإجراءات والسياسات الوقائية، التى تحُول دون انتقال مئات الشباب المُحبَط من المعارضة والرفض إلى الإرهاب، وهذا ما فشلت فيه الحكومة منذ اندلاع معركة الإرهاب.

إن معركة مصر ضد الإرهاب ليست فقط مع العصابات الإجرامية، التى ترفع السلاح وتروع الأبرياء وتقتل رجال الجيش والشرطة، إنما مع البيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة التى جعلت انتشاره واقعا حقيقيا، وهذه البيئة قد تكون بسبب مظالم سياسية أو مجتمعية تستغلها الجماعات الإرهابية للترويج لخطاب كراهية وانتقام ضد الدولة والمجتمع، أو تضامن قبلى وعائلى أو خطاب تحريض إخوانى أو ضرر اقتصادى فادح نتيجة بيوت هُدمت أو قريب قُتل دون أن يعوَّض أهله، أو أوضاع إنسانية مأساوية يعيشها الكثيرون، خاصة فى سيناء، كل هذه الجوانب لابد من فتحها ومناقشتها وليس إخفاءها بهتافات تُرفع كل يوم ويدفع ثمنها خير أبناء هذا البلد.

ومع كل حادثة إرهابية تبدأ نوعية من الإعلام الموجه فى اختزال مواجهة الإرهاب فى المطالبة بإعدام الإرهابيين ومَن ساعدوهم فورا (لم يعترض أحد مادام ذلك وفق محاكمة عادلة)، حتى وصل الأمر إلى اتهام إسماعيل هنية الذى يزور مصر بأنه جلب معه الإرهابيين الذين نفذوا العملية الإرهابية الأخيرة (أو تحميله مسؤوليتها)، لتخريب التفاهمات الأمنية التى تجرى بين الدولة وحماس لصالح أمن مصر القومى ولصالح المحاولات الدؤوبة لضبط الحدود مع غزة، بصرف النظر عن الموقف السياسى المعارض لحركة حماس.

لم يدافع مواطن مصرى طبيعى عن الإرهاب، ولم يبرر أحد جرائمه، إنما مواجهته لن تكون بالأغانى الوطنية والهتافات اليومية أو بتوسيع دائرة الاشتباه، حتى شملت شعبا بأكمله (الشعب الفلسطينى) أو أهالى محافظة بأكملها (سيناء)، وأصبح الخلط بين المعارضة ومساندة الإرهاب تهمة جاهزة راح ضحيتها عشرات المعارضين السلميين المدنيين دون أن يفكر أحد فى محاسبة المسؤول عن ذلك أو تغيير هذه السياسة.

حين يقول أحد أهم خبرائنا الأمنيين، عضو المجلس القومى لمحاربة الإرهاب، خالد عكاشة، إن عملية سيناء هى رد على تصفية الإرهابيين فى أرض اللواء، فإن هذا يعنى أن الانتصار على الإرهاب لن يكون فقط بالسلاح، إنما بمواجهة البيئة الحاضنة للإرهاب، القادرة على فرز عناصر إرهابية جديدة كل يوم، وذلك بمعالجات سياسية واجتماعية تواجه أسباب انتقال البعض من حالة سخط وغضب اجتماعى وسياسى وارد وموجود فى كثير من دول العالم إلى الإرهاب وحمل السلاح وقتل الأبرياء واستهداف رجال الجيش والشرطة.

هذا هو التحدى الذى تواجهه مصر الآن، فهل سنواجهه حتى لا نكتفى كل مرة بالقول: رحم الله شهداء الوطن وأبطاله؟

المصدر :صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزيف الشهداء نزيف الشهداء



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 10:36 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

البرازيلي بيليه يكشف أهم مزايا الفرنسي مبابي

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 17:59 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

ترامب يغادر مؤتمره الصحفي بشكل مفاجئ

GMT 13:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اصابة رئيس بلدية الزعفران بكورونا في الكاف
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia