إلغاء الأحزاب

إلغاء الأحزاب

إلغاء الأحزاب

 تونس اليوم -

إلغاء الأحزاب

بقلم : عمرو الشوبكي

تظاهرات العراق مستمرة، تخفت ثم تشتعل لكنها لا تغيب ولا تختفى، بدأت منذ عام فى بغداد وانتقلت للمحافظات الجنوبية ثم عادت لتجتاح الاثنتين قبل أن تتراجع بداية الأسبوع فى انتظار يوم الجمعة الموعد المعتاد لعودتها.

واللافت أن مطالب المتظاهرين لم تتوقف عند محاربة الفساد والبطالة، والاحتجاج على الغلاء وانقطاع الكهرباء فى بلد نفطى غنى مثل العراق، إنما وصلت إلى المطالبة بإلغاء الأحزاب والحياة الحزبية والعودة لنظام رئاسى، ورئيس يختاره الشعب دون الحاجة لبرلمان ولا كتل حزبية تتخبط وتدخل فى تحالفات غير مبدئية حتى تختار رئيس الوزراء.

المفارقة أن المحتجين فى العراق يطالبون بعكس ما يطالب به تيار واسع فى مصر بعودة السياسة والأحزاب السياسية، ويطالب أيضا بتشكيل الحكومة من وزراء سياسيين وحزبيين، فى حين يطالب التيار الاحتجاجى فى العراق بإلغاء الأحزاب وتشكيل الحكومة من وزراء فنيين وتكنوقراط فى مفارقة تبدو لافتة.

والحقيقة أن ما يجرى فى العراق تقاطع مع تجارب تيارات أخرى رفض فيها قطاع واسع من الشعب العملية السياسية البائسة والنخبة السياسية الأكثر بؤسا، وترتب على هذا الموقف استدعاء الجيش أو تدخل خارجى أو إلغاء الأحزاب.

ولو كان الجيش العراقى بقوته القديمة لكانت طالبت القوى المحتجة فى العراق بتدخله ووقف العملية السياسية والبحث عن المخلص القوى أو حتى المستبد العادل الذى يعيد الانضباط للدولة المترهلة والمجتمع المنقسم ويحارب الفساد والبطالة والفقر.

يقينا الصوت الاحتجاجى الرافض لأى عملية سياسية مترهلة أو أصابها العطب أمر مشروع وعابر للقارات، فستجده فى تظاهرات الضمير فى أوروبا والدول الديمقراطية التى تعدل من المسار السياسى للحكومات وتجعلها تصحح من أخطائها، فى حين أنها فى عالمنا العربى تدور حول فكرة المخلص سواء أخذت شكل حكومة الخبراء الأنقياء بعيدا عن «السياسيين الملوثين» كما يطالب المحتجون فى العراق أو الجيش القوى الذى ينقذ الدولة من الفوضى والانهيار كما فى مصر، أو الزعيم الملهم والمستبد العادل كما اعتدنا.

قد يندفع الناس وراء شعارات إلغاء السياسة والأحزاب، لكنهم سيكتشفون بعد فترة وجيزة أن هذا الخيار هو مجرد بحث فى السراب، ويعودون مرة أخرى للمعادلة السياسية والحزبية الطبيعية، بعد إصلاحها وتطويرها كما جرى فى مجتمعات كثيرة.

رسالة العراق مهمة لأنها عكس مطالب قوى كثيرة فى العالم العربى تراهن على السياسة والحزبية، وتقول إنه لابد من إيجاد صيغة جديدة فى مجتمعاتنا العربية قائمة على الشراكة بين الدولة والمجتمع السياسى، فلا يترك الأمر كله فى يد السياسيين ولا تدار الدولة بالكامل فقط من قبل أجهزتها الأمنية.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلغاء الأحزاب إلغاء الأحزاب



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 15:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 17:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 10:55 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

الإصابة تحرم منتخب سورية من نجم الأهلي

GMT 03:18 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 23:50 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

8 طرق سهلة للحصول على بشرة لامعة وجميلة

GMT 04:30 2013 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

"نسيان" تعلن تخفيض سعر سيارة "ليف"

GMT 20:57 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

نبيل الكوكي يستقيل من تدريب الرمثا الأردني
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia