بقلم - محمد سلماوي
سعدت جداً بقرار رفع سعر السجائر، الذى جاء معبراً عن سياسة اقتصادية واعية، فقد لا يعلم البعض أن السجائر ظلت لسنوات طويلة إحدى السلع المدعمة«!!»، فهل هذا معقول؟ هل يصح أن تدعم الدولة ما يضر بمواطنيها؟ لقد كانت الدولة طوال السنوات الماضية لا تمانع فى أن يضر الشعب نفسه لأن السجائر تمس قطاعات عريضة من المواطنين، وقد كان هدف الدولة إسكات هذه القطاعات حتى لو كان ذلك على حساب ما يضرهم، وحتى لو جاء ذلك خصماً من أموال الشعب، ومثل هذه السياسة تدل على نظرة دونية من الدولة للمواطنين، تماماً كمن يترك للطفل ما يضره بدلاً من أن يوعيه بما يفيده، وهى التربية السليمة التى تنضج الطفل ولا تجعله قاصراً لا يقوى على إدراك الخطأ من الصواب.
لقد أعلن الرئيس السيسى منذ بداية توليه أنه لن يدلل أحداً، وأن علينا جميعاً المشاركة فى التضحية من أجل مصر، والحقيقة أننى حتى الآن لم أجد دلائل على هذه التضحية، وإذا كانت التضحية قد تمثلت الآن فى الإقلاع عن التدخين، أو حتى الإقلال منه بسبب رفع سعر السجائر، فتلك خطوة محمودة نشكر من أرغمنا عليها.
وأذكر عند بداية تأسيسى لجريدة «الأهرام إبدو» أننى جعلتها الجريدة الأولى فى مصر الخالية من التدخين، وفى البداية جاءنى بعض الزملاء يقولون إنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على العمل دون التدخين الذى تعودوا عليه لسنين، قلت: إذن عليكم البحث عن عمل آخر يُسمح لكم فيه بالتدخين، لكن بعد بضعة أشهر كانت الغالبية منهم قد أقلعت عن التدخين، لأنها وجدت نفسها مرغمة على الامتناع عنه طوال ساعات العمل.
إن انتشار التدخين من عدمه فى أى مجتمع أصبح الآن أحد المؤشرات الدالة على تقدم هذا المجتمع، والمجتمعات المتخلفة هى أكثر المجتمعات استهلاكاً للسجائر.
إن اختيار هذه السلعة بالتحديد لرفع سعرها يدل على نظرة صائبة، لأنه يثبت سلامة أولويات سياستنا الاقتصادية، كما يؤكد أن لدينا رئيساً يقدم المصلحة العامة على شعبيته الخاصة.