ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

 تونس اليوم -

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

بقلم : مكرم محمد أحمد

ما من بيت مصرى لا يتشكك فى رواية سائق القطار المنفلت الذى غادر قطاره دون أن يشد الفرامل، ليتشاجر على الرصيف مع زميله سائق القطار الثانى الذى احتك به عند التحويلة, بما أتاح للقطار فرصة أن يتحرك بسرعة عالية دون سائق ويصطدم بالرصيف, وينفجر خزان الوقود فى القطار, وتحدث المأساة الدامية التى وجعت قلوب المصريين, على حين انصرف قائد القطار المنفلت إلى منزله إثر وقوع الحادث كى ينام! كما ذكر فى التحقيقات أمام النيابة العامة, والأمر المؤكد أن سائق القطار المنفلت لم يحظ بذرة تعاطف من غالبية الشعب المصرى التى أدهشها ردود السائق البليدة، التى شككت الجميع فى أن السائق كان مبرشما, أو أنه كان ضالعا فى ارتكاب الحادث, ومع ذلك فإن الأفضل والأكثر عدلاً, أن نترك أمر هذه التكهنات لتحقيقات النيابة التى لا تزال مستمرة بعد أن تم القبض على السائق الذى هرب إلى منزله كى ينام.
  
لكن الأكثر سوءا من ذلك هم جماعة الإخوان المسلمين وعدد من مواقع التواصل الاجتماعى التى ابتسرت بعض الجمل التى قالها الرئيس السيسى فى سياق جد مختلف, لتؤكد للعوام أن السبب الرئيسى لكارثة السكك الحديدية الأخيرة أن الرئيس السيسى لا يريد الإنفاق على إصلاح سكك حديد مصر, ويؤثر أن يضع مليارات الجنيهات التى تتكلفها خطة الإصلاح فى البنوك ليتقاضى عنها أرباح فوائد مضمونة تغنيه عن مشكلات عمليات الإصلاح!، ابتسرت جماعة الإخوان تصريحات سابقة للرئيس السيسى قالها فى سياق مختلف, وأخذتها بعيدا عن سياقها الصحيح، متجاهلة أن مصر قد أنفقت بأوامر صريحة من الرئيس السيسى خلال السنوات الثلاث الأخيرة 56 مليار جنيه على إصلاح وتجديد وتحديث سكك حديد مصر، فى مشروع ضخم يتم تنفيذه الآن يشمل تجديد خطوط معظم شبكات السكك الحديدية والعمل على ازدواج بعض خطوطها الرئيسية والتصنيع المشترك للآلاف من عربات ركاب السكك الحديدية بالاشتراك مع الروس فى مصر وشراء عدد من الجرارات الجديدة تم التعاقد عليها بالفعل بعد أن انتهى العمر الافتراضى لمعظم الجرارات العاملة، لكن يبدو أن جماعة الإخوان تعتقد أن آفة الشعب المصرى هى النسيان، وأن ذاكرته الضعيفة لن تمكنه من تذكر هذه الحقائق.

لكن الواضح من تحقيقات النائب العام أن تعليق أسباب الكارثة على ميراث 30 عاما سابقة لم يعد كافيا للإقناع، لأن مشاهد الكارثة كشفت أن القضية لا تتعلق فقط بإصلاح الخطوط وتجديد الجرارات وعربات الركاب، وأن ضمانات الأمن والسلامة للركاب لا يكفيها ذلك، لأنها تتطلب أيضاً تعزيز سُبل الحماية داخل محطات السكك الحديدية التى تعانى نقصا شديدا فى إمكانات مواجهة حوادث الحريق، وعدم وجود منظومة إطفاء من محطات ضخ المياه والخراطيم وأجهزة إطفاء الحرائق الرغوية، فضلا عن عدم الانتهاء من تحديث منظومة الصيانة الدورية للقطارات، والإسراع باستبدال نظم الإشارات اليدوية والميكانيكية بنظم إلكترونية يقل فيها الاعتماد على العنصر البشري، خاصة أن عدم تحديث نظم المتابعة والصيانة واستشراء الإهمال أدى إلى تفاقم المشكلات، فضلا عن غياب الانضباط فى سلوك البشر العاملين فى المرفق إلى حد أن سائق القطار المنفلت غادر كابينة القيادة ليتشاجر مع زميل له على الرصيف ونسى أن يشد فرامل القاطرة، لماذا نزل ومن الذى أمره بالنزول وكيف نسى أو أهمل فى أن يشد فرامل القاطرة. الأمور لا يحكمها نظام أداء مبرمج بتعليمات محددة، لكنها متروكة لتصرفات البشر العشوائية، لا يحكمها نظم ثابتة وملزمة للأداء. وربما لهذه الأسباب استشرى الإهمال لتصل خطورته إلى حد يفوق خطورة الفساد، ومن المهم أن تنتظم مصر كلها فى حرب مستمرة على الإهمال إلى أن تتمكن من قطع دابره. وحسنا أن أثار الحادث الأخير غضب أعضاء مجلس النواب وجعلهم يطالبون باستدعاء كل المسئولين بمن فيهم الوزير المستقيل هشام عرفات رغم أنه بذل جهودا ضخمة من أجل إصلاح الخطوط وعربات الركاب وتجديد القاطرات إلا أن الواضح أنه أرجأ إلى مرحلة قادمة إصلاح المحطات التى يشوبها قصور شديد فى نظم الأمن والحماية جعلت العاملين فى الإطفاء لا يجدون سبيلا لإطفاء الحرائق سوى الجرادل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 15:40 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 06:40 2016 الجمعة ,08 تموز / يوليو

اصنعي بنفسك سيروم طبيعي لتنعيم الشعر المجعد

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 11:30 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نساء برج العقرب والحمل يعشقن السيطرة

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

​أحمد صفوت ضيف إذاعة "نغم إف إم" الإثنين

GMT 10:51 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد بن سلمان يبدأ زيارة رسمية إلى الهند

GMT 12:10 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

كاظم الساهر يعلن رسميًا انضمامه إلى "مدرسة الحب"

GMT 22:56 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب التطواني يهرب من ضغوطات الجماهير ويعسكر في مراكش

GMT 09:52 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل تؤكد إعادة فتح مطار توزر نفطة الدولي

GMT 15:13 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا..22

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia