واش حنا هما احنا

"واش حنا هما احنا؟"..

"واش حنا هما احنا؟"..

 تونس اليوم -

واش حنا هما احنا

بقلم ـ يونس الخراشي

لعل الزملاء الذين جمعتني بهم مهنة المتاعب، في القسم الرياضي ليومية "الصباح"، يذكرون يوم التقينا، قبل سنوات من الآن، بامحمد أوزال، صدفة، وهو يغادر مقر العمل بشارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، فدار بيننا حوار غير قصير، قال لنا خلاله "أنتم الصحافيون لكم ضلع كبير في الفساد الذي يشهده الحقل الرياضي".

امحمد أوزال كان نائب رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم حينها. وكان رجل حوار. لبق. يقول لك ما لا تشتهي سماعه، ولكن بأدب جم. ودون أن يجرحك، مهما صدر منك كلام لا يليق. ومن ثم فقد كان يتيح لنا بأدبه أن نقول له أيضا ما يعتمل في صدورنا، حتى إنني تجاسرت عليه، حينها، وقلت له "أظن بأن كلامك صحيح. غير أن لدي ملاحظة".

وضع يده على كتفي، وراح ينظر إلي وابتسامة تعلو محياه، وكأنه يقول لي: "تفضل، ما هي ملاحظتك؟". قلت "إذا كان بعض الصحافيين أسهموا، ويسهمون، في إفساد الرياضة المغربية، فلأن بعضكم أنتم، أهل التسيير، يغرونهم بالأعطيات، كي يغيروا وجه الحقيقة. والنتيجة هي الوضع الذي نعيشه".

لم يتغير وجه أوزال، بل واصل الإنصات. وكانت تلك عادة حميدة في الرجل، حتى إن اختلفنا معه كثيرا، وقلنا عنه كلاما قبيحا جدا. فقلت "لو أنكم لم تستعملوا الإغراءات، والأعطيات، لقال الذين أسهموا في إفساد الحقل الرياضي الحق، ولأعاونكم على التغيير. فالتغيير لا يأتي بصحافة فاسدة مفسدة، بل بصحافة تلقي الأضواء على مكامن الخلل، وتعين المسؤولين على الإصلاح".

لم أعد أذكر بالضبط كيف انتهى حديثنا، الذي شارك فيه حينها، الأستاذ حسن العطافي، والزملاء هشام رمرم، ومحمد معتصم، ومنصف اليازغي. غير أنها كانت بالقطع نهاية مضحكة، بفعل علاقة الود والاحترام التي كانت تجمعنا بالرجل، صاحب المهام المتعددة، حتى في اللحظات السيئة، والتي كنا نخرج فيها "الغسيل المتسخ" للجامعة، وللجنة المؤقتة لتدبير شؤون جامعة ألعاب القوى، وللمجموعة الوطنية، وللرجاء، أيضا، وكان رئيس مكتبها المديري.

ومنذ ذلك اليوم ونحن؛ أي العبد لله وزملائي في "الصباح" سابقا، نسترجع تلك اللحظات كلما التقينا ونقول إن أوزال كان على حق، غير أنه حق مجتزأ من منظومة كاملة، تشه القمر تماما، فيها وجه مشرق، ووجه آخر يحب الظلام، ولا يرتاح إلا إذا كان في الظلام. ومن سوء الحظ أنه يجد لدى بعض المسيرين عشقا متبادلا للظلمات، فيسهم، من حيث لا يعلم؛ والمصيبة كبرى إن كان يعلم، في إفساد الحقل الرياضي المغربي.

نحن لسنا، في هذه المهنة، بأنبياء، ولا أولياء، ولا أتقياء. وما ينبغي لنا أن نكون. فدورنا، حسبما تعلمنا من المعاهد، وفي الكتب، وممن لهم الحسنى أن علمونا ميدانيا، هو نقل المعلومات بأمانة، والبحث بدقة، والإبقاء ما أمكن على مسافة من المعنيين، مع الاحترام الواجب لهم، حتى لا نسقط في الذاتية، بل وربما في العصبية، والاستكبار، وهو ما يؤدي إلى اعتبار النفس مزكاة، وطاهرة، ويحق لها أن تحكم على الناس من فوق، لأنهم دائما، عندها، تحت.

حينما نقول كلمة الاحتراف نعني بها احتراف المنظومة ككل. ومن يرى نفسه خارج المنظومة، وليس عليه أن يتعلم، ويراجع نفسه، فهو بالتالي يضع نفسه في مرتبة التنزيه، ويكون، بذلك، عاملا على الإفساد. فليس بعض المسيرين الخربين وحدهم من يجعل الرياضة المغربية تتراجع كل يوم. بل ونحن أيضا، معشر الصحافيين، متى كنا بعيدين عن الموضوعية، ونرى أنفسنا فوق الجميع. 

 

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واش حنا هما احنا واش حنا هما احنا



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 23:54 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

خالد آل معمر يؤكد أنه لا يطلب ود "الأهلاويين"

GMT 20:02 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

فيلم "كريم بلقاسم" لأحمد راشدي يعرض في الجزائر

GMT 19:22 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

بيومي فؤاد مهندس زراعي في مسرحية "أنا وهو وهو" من تياترو مصر

GMT 13:42 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

اتجاهات عالم الديكور الجديد في ألوان دهانات الحوائط 2021

GMT 18:07 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

محمد فؤاد يطرح بوستر ألبومه الجديد "سلام"

GMT 04:02 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

بريشة : هاني مظهر

GMT 01:52 2015 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" الأميركيّة تطلق أول سيارة دفع رباعي كهربائية

GMT 04:40 2016 السبت ,30 تموز / يوليو

مارك هانت يصف بروك ليسنر بـ "القمامة"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia