علمنا المستر عموتا

علمنا المستر عموتا

علمنا المستر عموتا

 تونس اليوم -

علمنا المستر عموتا

بقلم : بدر الدين الإدريسي

علمنا المهندس الحسين عموتا ما معنى أن تصل بك الوسيلة، إن أنت طابقتها مع مؤهلات فريقك ومع قيمة المباراة والحدث وأيضا مع قوة الرهان، إلى تحقيق الغاية التي يهفو إليها الجميع، إنتاج السعادة وتحقيق لقب ترقبته عائلة الوداد لمدة ربع قرن وسعت نحوه كرة القدم المغربية بلا هوادة منذ 17 سنة.

علمنا المهندس الحسين عموتا كيف تسحق الهواجس وكيف تعدم الوساوس وكيف تثبت الثقة في القدرة في وجه أعاصير الشك والهدم، وكيف تقف الشاكلة التكتيكية شامخة كالجبل لا تحركها رياح القلق، فما كان يؤمن به عموتا الإيمان القاطع أنه الخيار التكتيكي الأنسب لمواجهة الأهلي، لهزم الأهلي ولتصغير الأهلي، فعله من دون أن يرف له رمش ومن دون أن ينتابه أي شك في أنه الخيار الأوحد لبلوغ الهدف، التتويج بالأميرة الصغيرة والوقوف على أعلى قمة في هرم كرة القدم الإفريقية.

قلت في زوايا سابقة أن عموتا وهو يتقلب بين أزمنة الوداد بكل مخاضاتها وهيجانها أيضا، استقر على الأسلوب الذي يناسب المقام، ويتلاءم مع طبيعة الرهان، فعض على ذاك الأسلوب بالنواجد وأيضا بالمحصنات العلمية، لذلك شاهدنا فريق الوداد يتعامل مع معركتين كرويتين ضاريتين قوامهما الزمني 180 دقيقة من المتفجرات التكتيكية، بذات الأسلوب القائم على تقدير مقومات الأهلي بالشكل الذي لا يبالغ في التقدير فيسقط في حب الخصم، ولكنه يقدر الأهلي بالمعنى الذي يتيح له معرفة كل خبايا فلسفة لعبه، فيشدد الخناق والحراسة جيدا على مناطق القوة فيها، وينفذ إلى مناطق الضعف فيها ليربح النقاط.

أسمع كثيرا، وهذه من أدبيات التحليل الكروي، أن المباريات النهائية من قبيل ما شاهدناه يوم السبت، تربح ولا تلعب، أي أن غاية الفوز بها لطالما أنها تقود إلى الألقاب وإلى كتابة التاريخ، تعلو على كل الوسائل مهما كانت في نظر المتغزلين والرومانسيين تهدم كرة القدم الجميلة، إلا أنني اليوم أتحفظ على هذه المقولة، فلكي يفوز الوداد ولكي يعلن على الملأ بطلا لإفريقيا، لعب وأتخمنا لعبا، وأبدع فأبهرنا ما كان من إبداعه، وكافح على كافة الواجهات فاستحق بذلك أن يكون بطلا بميزة مشرف جدا، وقد فعل كل هذا بأن صمم أمام الأهلي المصري نزالين سيظلان لزمن طويل عالقين في الذاكرة لخصوبة مضمونهما التكتيكي فالوداد كانت له الجرأة الكاملة لكي يضبط بنفسه قواعد اللعب ومنطق النزال، ما كان يعني أن الأهلي في المباراتين معا مشى في الطريق الذي رسمته الوداد، فأن تدافع جماعيا بشكل يغلق كل المنافذ ويلغم كل المساحات ويسكن الروع في نفوس المنافس، فهذا لعب لا يقدر عليه إلا الكبار، وأن تجيد السفر عبر مرتدات سريعة وتنجح في التسجيل وأنت غارق في دافعيتك، فهذه مهارة لا يقدر عليها إلا الكبار، وأن تسحب خصمك إلى كثير من النزالات الثنائية وتصيبه بالذهول الذي يسبق الفزع، فهذا سلاح تكتيكي ونفسي لا يحمله إلا الكبار، وأن تروض كل أزمنة المباراتين بلا استثناء، فتضبط إيقاعهما بالشكل الذي يوافق أسلوب لعبك ويحقق الغايات التكتيكية التي تسعى إليها فهذا أمر لا يقدر عليه إلا الأبطال.

نحن في النهاية أمام أجمل وسيلة لتحقيق أروع وأبهى غاية، نحن أمام بطل تنحني له الأرقام والوقائع وأدبيات كرة القدم، نحن أمام وداد ذكر الأهلي المصري أن الفرق تحترم بتاريخها وبعمقها وبأساطيرها ولكنها تحترم أيضا بقدرتها على صياغة منظومة النجاح بالاعتماد على كل المهارات، وبخاصة منها الضبط التكتيكي لحرارة المباراة.

هنيئا للوداد بلقب نشر الربيع في الربوع التي دمرها لزمن طويل خريف الفشل، هنيئا للاعبي وفرسان الوداد بأنهم توجوا أبطالا لإفريقيا أمام منافس هو سيد نوادي القارة، بل وتوجوا بميزة التفوق التكتيكي والبدني والذهني، وهنيئا لحسين عموتا الذي علمنا أن التاريخ لا يصنعه الجبناء، ولكن يكتبه المؤمنون والواثقون والمبدعون.
شكرا للحسين عموتا الذي قال بكل التعابير أن الناجحين هم  من لا يخافون في علمية وصدق عملهم لومة لائم.

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علمنا المستر عموتا علمنا المستر عموتا



GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 08:49 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

ثلاثة ملفات كبرى

GMT 10:13 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

018 ـ 2026: ضربتان موجعتان

GMT 09:54 2018 الأحد ,24 حزيران / يونيو

أبقوا الرؤوس مرفوعة

GMT 10:25 2018 السبت ,09 حزيران / يونيو

مصداقيتنا في مرآة العالم

GMT 15:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 17:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 10:55 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

الإصابة تحرم منتخب سورية من نجم الأهلي

GMT 03:18 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوروبا تعود إلى السودان من باب النفط والذهب!

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 23:50 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

8 طرق سهلة للحصول على بشرة لامعة وجميلة

GMT 04:30 2013 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

"نسيان" تعلن تخفيض سعر سيارة "ليف"

GMT 20:57 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

نبيل الكوكي يستقيل من تدريب الرمثا الأردني
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia