المسْكُوت عنه في كُرتنا

المسْكُوت عنه في كُرتنا..

المسْكُوت عنه في كُرتنا..

 تونس اليوم -

المسْكُوت عنه في كُرتنا

بقلم : محمد عفري

الساكت عن الحق شيطان أخرس.. وكُرتنا الوطنية التي تبجّحنا كذبا بتطورها وتغنينا بهتانا بصحوتها، سرعان ما أفاقتنا نتائج المنتخب الوطني في المونديال الأخير على حقيقة تخلفها، وعليه وجب ذكر بعض مسببات غياب هذا التطور المزعوم وانعدام هذه الصحوة الكاذبة..

كرة القدم في المعمور، شأنها شأن باقي الرياضات تقوم على ثالوث "3M"، أي "المال والإعلام والتدبير -Money-Media-Marketing "، وكرتنا الوطنية تفتقد على الأقل عنصرين هامين من هذا الثالوث. فإذا حضر فيها المال بالملايين والملايير التي يضخها لصالحها دافعو الضرائب، غابت عنها الكفاءة في التسيير والحكامة في التدبير وافتقدت الإعلامَ الذي من الواجب أن يساعد على رقيها وتسويقها، لا أن يستغلها ويسترزق منها في غياب الكثير من الضوابط التي يجب أن تُجوّد المنتوج الصحفي قبل تجويد المنتوج الكروي والرياضي الوطني، بصفة عامة..

كرتنا هاوية بكل المقاييس تنبني في كل شيء على الموهبة غير المصقولة، ومع ذلك أصر المسؤولون عنها أن "يلصقوا" بها عُنوة مصطلح الاحتراف، قبل أن يهيئوا لها الأرضية الصالحة لهذا الاحتراف.. الكرة الاحترافية منظومة من ألفها إلى يائها، ملاعب وتجهيزات وأطر خبيرة في التكوين والتأطير وإدارات تقنية وبرامج طويلة ومتوسطة المدى. وحينما نتحدث عن التكوين والتأطير نتحدث حتما عن مراكز التكوين والأطر المحنكة التي من المفروض أن تُكوّن لنا بهذه المراكز الكفاءات الكروية قبل أن تكوّن لنا اللاعبين من مختلف الفئات العمرية.

وإذا كانت فرنسا أقرب المقربين منا، نستنسخ منها كل شيء، علا شأنه أو تدنى، استطاعت خلال 20 سنة لعب ثلاث مباريات نهائية لكأس العالم، فازت في اثنتين منها بلقبين، آخرهما كان الأحد الماضي بروسيا، فلأنها انكبت طيلة سنوات على الدراسة والتمحيص، اهتمت بالتكوين وتحكمت في الإنجاز الكروي، ومع مرور السنين طورت منظومة هذا التكوين تماشيا مع

المستجدات وقطعت الصلة مع لازمة الموهبة الفطرية دون تطويرها أو الاستثمار فيها، كما قطعت الصلة مع التطوع والمجانية في مرفق اتضح أنه تنموي ومدر.. فرنسا كما في غيرها، فيها فرق وأندية مهيكلة تؤمن بالربح والخسارة في إطار المقاولة التي تنتج فتعرض أحسن منتوج (لاعبون وأطر)من أجل التسويق. فرنسا وفي غيرها لم يعد من وجود للجمعيات التطوعية في كرة القدم.. ليس فيها، كما لدينا في المغرب، مسير يجمع بين كل المهام، رئيس الفريق ومدربه ومديره التقني وأمين ماله. ليس في فرنسا حكم يحابي فريقا ضد آخر، تحت ضغط معين تتماهى فيه السلطة بالمال.. ليس فيها مسيرون أبديون وفرق لا تعقد جموعها العامة ولا تقدم تقاريرها المالية إلا وفيها تزوير، ومع ذلك تنعدم المحاسبة.. ليس في فرنسا مدارس للكرة أو أكاديميات لا تنتج، فرنسا لا توكّل مهمة الإشراف على الفئات الصغرى للفرق وشبابها إلى قدماء اللاعبين دون إخضاعهم للتكوين والتأشير على مستواهم من الإدارة التقنية الوطنية كما لدينا نحن بالمغرب. فرنسا ليس فيها من يزكي نفسه ضد الآخر في الكرة، ليس فيها "علماء"، يعيشون على الأطلال، يحللون الفراغ ويبيعون الوهم عبر الإذاعة والصحف. 

عكس فرنسا وغيرها ممن تمارس الاحتراف الكروي الحقيقي، كرتنا الوطنية حضرت فيها المؤسسات الإدارية والترسانة القانونية واللجان الجامعية المختصة دون أن تكون الفرق والأندية المتنافسة سواسية أمام هذه المؤسسات ولا هذا القانون أو تستفيد من تكافؤ الفرص في التنافس والإنتاجية.. 

كرتنا فيها محظوظون و"محميون" يسيرون في قواعدها - الفرق والجمعيات - بفكر الربح المادي الفردي وبهاجس الاستفادة من الريع الكروي والتهرب الضريبي في غياب النادي/ المقاولة.
مونديال روسيا كشف الصورة الحقيقية لكرتنا، كشف هدرنا للملايير بهدف التلميع وليس بهدف التطوير، وملايير أخرى لاستعدادات منتخب وطني قوامه أبناء جاليتنا بالخارج بمدارس كروية أوروبية، أعفى المسؤولين من هوس التكوين والإنتاج المحلي ومن الإصلاح الحقيقي لواحد من أهم القطاعات التنموية الاجتماعية والاقتصادية..

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسْكُوت عنه في كُرتنا المسْكُوت عنه في كُرتنا



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 23:54 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

خالد آل معمر يؤكد أنه لا يطلب ود "الأهلاويين"

GMT 20:02 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

فيلم "كريم بلقاسم" لأحمد راشدي يعرض في الجزائر

GMT 19:22 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

بيومي فؤاد مهندس زراعي في مسرحية "أنا وهو وهو" من تياترو مصر

GMT 13:42 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

اتجاهات عالم الديكور الجديد في ألوان دهانات الحوائط 2021

GMT 18:07 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

محمد فؤاد يطرح بوستر ألبومه الجديد "سلام"

GMT 04:02 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

بريشة : هاني مظهر

GMT 01:52 2015 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" الأميركيّة تطلق أول سيارة دفع رباعي كهربائية

GMT 04:40 2016 السبت ,30 تموز / يوليو

مارك هانت يصف بروك ليسنر بـ "القمامة"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia