يا ورد مين يشتريك

يا ورد مين يشتريك؟

يا ورد مين يشتريك؟

 تونس اليوم -

يا ورد مين يشتريك

بقلم - المهدي الحداد

شيء مؤسف بل ومؤلم أن تذبل الموهبة في عز التفتح، وتنطفىء الشمعة المنيرة في جحيم الظلام القاتم، وسط النفق الجبلي، المطل على ربوة التحرر. حرام أن يحترق الشباب في ريعان الإنتاج، والبحث عن الذات، ومحزن أن يسقط الرجال على مشارف نهاية السباق، ويتيهوا ويفقدوا البوصلة، ويشهروا راية الإستسلام قبيل بلوغ خط النهاية.

في الرياضة وكرة القدم كباقي المجالات، تضيع عدة مواهب لسبب من الأسباب، ويخسر الميدان عقلاً منيرًا وعبقريا مبدعا، توقع له الكل مسيرة نموذجية وخرافية، لكن رياح الزمن والقدر سارت بما لم تشتهه رغبة المتكهن ومخطط الفنان.

كثيرة هي السيوف التي تقطع الرؤوس اليانعة، ويبقى أكثرها حدُّ سيف الغرور والطيش وغياب النضج والتأطير الصحيح، مما يذبح الأقدام ويضع الرقبات على مقصلة الإعدام.

اللاعبون المغاربة داخل أرض الوطن وخارجه يتمتعون بمواهب فريدة وإستثنائية، ويُعتبرون الأفضل على الإطلاق أفريقيًا وعربيًا ومن بين الأجود عالميا، لكن بلا عقول وبلا رزانة ولا هم يطربون.

الأمثلة عديدة ومتعددة، والنماذج كثيرة ومتنوعة، والمواهب الكروية المغربية ذائعة الصيت دوليا، ومثيرة للجدل إثارتها للحسرة والأسف، والتعجب من سلكها طرق الفشل والإستهتار، وسوء الإختيار عوض مسالك النجاح والنجومية وصواب القرار.

نهاية الموسم دنت، والصيف أقبل، وسوق الإنتقالات يتأهب لفتح بابه، والأعين تنظر إلى بعض اللاعبين المغاربة بشفقة، حيث لا أحد يتابعهم أو يخطب ودهم، بعدما هبطت أسهمهم إلى الحضيض نظير إختفائهم عن الساحة، أو سقوطهم في منحدر قلة التنافسية، أو إنتحارهم طوعا بإختيار وجهات خاطئة لم تزدهم إلا معاناة وألما.

هاشم مستور الموهوب الأول أضحى في خبر كان، وإختفى وهو يحبو في مدينة هولندية صغيرة إسمها "زفول"، حيث يتسكع ويتردد على المطاعم أكثر من تردده على الملاعب، فالمسكين شاخ وهو قاصر وغرق في الهموم، وما زال ينتظر إحدى المكالمات التي تحمل له خبر إهتمام أحدهم به، بعدما لفظه الطاليان والإسبان والهولنديون، ولم يعد يتحدث عنه أحد، ليدخل مبكرا قسم الأرشيف بملف تحت عنوان "موهوب واحترق".

ويأتي عادل تاعرابت كمخرج فيلم فاشل بسيناريو مروع، عُرض في قاعات عدة دول أوروبية بداية من فرنسا وإنجلترا والبرتغال وإيطاليا، لكنه لم يلقَ القبول ولم يجذب إلا القليل الذي إقتنى تذاكر المشاهدة وندم بعدها، لينصح الجميع بطي صفحة هذا المخرج العاشق للفوضى والشغب، والقاتل لحسه الفني بسهام الطيش والتهور وغياب النضج.

الموهوبان أسامة السعيدي وأسامة طنان خذلا المعجبين والأنصار في ريعان شبابهما بإختياراتهما الخاطئة وتصرفاتهما غير اللائقة، فالأول غادر أوروبا دون سابق إنذار وذهب الى نعيم الخليج غير مبالٍ بمساره الإحترافي وإنتظارات الجمهور منه، والثاني أقدم على خطوة غريبة بالذهاب إلى فرنسا بعدما كان مطلوبا بالكالشيو والليغا، وسقط في مستقنع الغرور وعدم الإنضباط وجنى على نفسه مبكرا، ليضعه سان إتيان في اللائحة السوداء وينهال عليه بسلسلة من العقوبات.

هذه الشموع التي أضاءت الساحات الكروية مع "الأسود" والأندية الأوروبية لزمن ضئيل، وجاءت بالتوقعات الغزيرة والإنتظارات الواسعة لتضئ العتمة وتنير فضاء التغيير، سرعان ما هبت عليها نسمات خفيفة من الثقة الزائدة والغرور المشبع والشهرة الزائفة، لتحترق بسرعة وتنطفئ فجأة، وتصبح ذكرى جميلة وقصيرة من الماضي.

المشترون فطنوا وأضحوا يهتمون باللاعبين الأقل موهبة لكن الأكثر واقعية وإنضباطا وفعالية، وباتوا يتهافتون على من يملك العقول الناضجة ويقدم الإضافة وينصهر بسلاسة، ولا يتوفر على سوابق كروية أو أخلاقية حتى لو كان أمهر العازفين.

مستور، تاعرابت، السعيدي، طنان وحتى الشماخ والحمداوي أزهار خجولة تنظر إلى التراب الجاف في حدائق قاحلة، تشكو غياب الزوار وهروب العشاق، وتئن تحت وطأة العطالة وقلة الغيث، وغياب يدٍ تمتد إليها لتقطفها وتعيد لها القيمة والإعتبار، وتزين بها مزهريات الأمل والحياة.

 

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا ورد مين يشتريك يا ورد مين يشتريك



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 23:48 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

" مريومة " من أفخم المطاعم التقليدية في الجزائر

GMT 21:11 2012 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

آزورا" سفينة سياحية بريطانية مناسبة للرحلات العائلية"

GMT 18:38 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريماس شريف تحصد ذهبية بطولة الجمهورية للجمباز

GMT 12:42 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة لورا أبو أسعد في دور "نوران" في مسلسل على "زي ألوان"

GMT 10:40 2016 الإثنين ,19 كانون الأول / ديسمبر

جزيرة "Tanhari" في البرازيل مكان ساحر لقضاء أجمل شهر عسل

GMT 18:08 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الوزير يؤكد تلقيح ما بين 60 و70% ممن فاقت أعمارهم 40 سنة

GMT 12:42 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الفريق الغنائي "بلاك تيما" ضيف إذاعة "نغم إف إم" الثلاثاء
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia