نهاية رجل شجاع

"نهاية رجل شجاع"

"نهاية رجل شجاع"

 تونس اليوم -

نهاية رجل شجاع

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

أشفقت على الرئيس اللبناني ميشيل عون أمس، وهو يتلو من قصره في بعبدا، بيان العجز والإخفاق...هذا ليس الجنرال الذي سكن القصر ذاته، رئيساً لحكومة عسكرية، تولت السلطة (إلى جانب حكومة مدنية برئاسة سليم الحص)، بعد أن أنهى الرئيس أمين الجميل ولايته الدستورية في 22 أيلول 1988، أي قبل 32 سنة بالتمام والكمال...هذا ليس الرجل الذي سعى في علاقة

"ندّية" مع سوريا، عنوانها "القصف مقابل القصف"، قصف دمشق مقابل قصف بعبدا...هذا ليس الرجل الذي قاد حرباً شعواء على "القوات اللبنانية"، التي كانت دولة داخل الدولة، وتتوفر على إمكانيات تفوق ما لدى الدولة.
 
هذا ليس ميشيل عون العائد إلى لبنان من منفاه الإجباري المديد في باريس بعد أضطر لقضاء عدة أشهر مختبئاً في السفارة الفرنسية في بيروت، إثر نجاح الجيش السوري في "اجتثاثه" من بعبدا، نظير "تسوية تاريخية" راح الجنرال ضحيتها، أو "فرق عملة" بين الليرة السورية والدولار الأمريكي: الأسد – الأب يرسل بقواته إلى "حفر الباطن" لقتال صدام حسين في الكويت، وفي المقابل يحظى برأس الجنرال المتمرد على الوصاية السورية: ميشيل عون.
 
هذا ليس "التسونامي" الذي اجتاح صناديق الاقتراع منذ أواسط العقد الفائت، والتعبير لخصمه وليد جنبلاط، والذي نجح في الاستحواذ على تمثيل أكثر من نصف مسيحي البلاد، وتمكن من إيصال نواب من طوائف أخرى، إلى الندوة البرلمانية.
 
هذا ليس "الرئيس القوي"، الذي قيل إنه يأتي إلى "بعبدا" لضمان صحة التمثيل وتوازناته الدقيقة في الرئاسات الثلاث...رئيس الحكومة هو الأقوى في طائفته السنية، ورئيس المجلس النيابي هو الأقوى في طائفته الشيعية، فلماذا لا يكون رئيس الجمهورية، هو الأقوى في طائفته المارونية – المسيحية.
 
هذا ليس "بيّ الكل"، أي "أب الجميع"، بعد أن أدخله "تياره" و"صهره" في لعبة مناكفات وصراعات مع "الكل"، وبعد أن طاف به عبر منعرجات السلطة وتقلبات تحالفاتها وتبدلات أولوياتها...وبعد أن ضاقت غالبية اللبنانيين ذرعاً به، وخرجت إلى الشوارع في تظاهرات تطالب برحيله.
ميشيل عون "الصورة" بالأمس، لا يشبه ميشيل عون "الأصل"...عون في الهزيع الأخير من العمر، و"تياره الوطني الحر" يتآكل في ظل قيادة مرتكبة و"خفيفة"، لم تستطع الاحتفاظ برموز التيار وأركانه، دع عنك التوسع بعضويات جديدة، وفتح آفاق جديدة...ميشيل عون اليوم، بدا متلعثماً، عاجزاً، لا يقوى على اجتراح الأفكار ولا حتى على قراءة نص مكتوب...بدت كلماته وارتجافات صوته، نذيراً بـ"جهنم" و"الخراب" الذي ينتظر اللبنانيين، وهذه كلماته على أية حال، وليست كلماتي.
 
على المستوى الشخصي، تابعت الجنرال منذ أن كنت صحفياً شاباً...أذكر أنه في زمن حصاره في قبو قصر بعبدا، كنت أتصل به بانتظام من نيقوسيا، مستصرحاً ومستفسراً، وكان مساعده آنذاك ضابطٌ اسمه يوسف أندري، وكان متعاوناً جداً مع الصحافة، وما زلت أذكر أن مانشيتات كبيرة تصدرت صفحات صحف عربية، كانت منسوبة للجنرال وحملت توقيعي المعتمد آنذاك.
 
كان رجلاً لا يتردد في ركوب أمواج المغامرات، فتح مع صدام حسين، وتلقى وعوداً بالحصول على صواريخ متوسطة المدى، وتوسط في هذه المهمة الراحل ياسر عرفات زمن الخلاف السوري الفلسطيني الحاد، وأقام علاقات مع منظمة التحرير بعد سنوات قلائل من خروجها من لبنان...ليدخل بعد سنوات، في مغامرة "اتفاق مار مخايل" مع حزب الله، وظل حليفاً للحزب حتى يومنا هذا، وربما كانت كلفة هذا التحالف ثقيلة على الجنرال والتيار وعلى رئاسته للجمهورية التي طالما حلم بها وسعى في سبيل الوصول إليها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية رجل شجاع نهاية رجل شجاع



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:12 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

طريقة الجبنة القريش

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:54 2021 الأربعاء ,22 أيلول / سبتمبر

حقل نفطي جديد يدخل حيز الإنتاج في قبلي التونسية

GMT 15:43 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

ارتفاع أسعار سيارة "هوندا سيفيك" إلي 43 ألف جنيه
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia