مصر وأوكرانيا
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

مصر وأوكرانيا

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - مصر وأوكرانيا

عمرو الشوبكي

اعتبر البعض، وتحديداً جماعة الإخوان، أن الغرب تعامل مع الموضوعين الأوكرانى والمصرى بمعيارين مزدوجين، فقد دعم المعارضة فى الأول دعماً غير محدود وضغط على الرئيس الهارب لكى يترك السلطة، وهو ما لم يفعله فى مصر حين تخلى عن المعارضة الإخوانية و«الحكم الشرعى»، رغم أنه لم يدعم المسار الحالى، ولكنه فى نفس الوقت دعم الإخوان بدرجة أقل بكثير من دعمه لمعارضى أوكرانيا. والحقيقة أن دعم المعارضة فى أوكرانيا لم يكن فقط وربما أساساً دعماً للديمقراطية، إنما دعم لرجال أوروبا أو أنصارها فى أوكرانيا، مثلما عنونت معظم الصحف الأوروبية، على مدار الأيام الماضية، حين تحدثت عن دماء أنصار أوروبا التى سالت وأدانت بشكل قاطع أخطاء السلطة. والحقيقة أن هناك فارقاً ثقافياً واجتماعياً كبيراً بين مصر وأوكرانيا يجعل مسألة المقارنة بين التجربتين بعيدة إلى حد كبير، إلا ربما من زاوية واحدة تتعلق بطريقة تعامل القوى الخارجية مع التفاعلات الداخلية فى كلا البلدين، فأوكرانيا كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى وليست فقط حليفا (مثل مصر فى الستينيات)، وحصلت على استقلالها فى عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، وظلت أسيرة معادلة إقليمية ودولية طرفاها روسيا والاتحاد الأوروبى، ومن خلفه أمريكا. فقد دعمت روسيا الرئيس الحالى (الهارب منذ أمس الأول)، واعتبرته امتدادا لها، فى حين دعمت أوروبا بشكل مباشر وفج المعارضة الأوكرانية. والواضح أن حجم التدخل الأوروبى والأمريكى فى مصر يختلف عن أوكرانيا، فرغم إلحاح الإخوان فى طلب التدخل والدعم الخارجى، فإن عدم وجود دعم غربى على الطريقة الأوكرانية فى مصر يعود إلى عدم اهتمام أوروبا وأمريكا بالشأن المصرى بالدرجة التى يتصورها البعض، فأوكرانيا الأوروبية يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، وفيها ثانى أقوى جيش بعد روسيا بين دول الاتحاد السوفيتى السابق، ويرغب قطاع غالب من سكانها فى أن ينضموا للاتحاد الأوروبى المرتبطين به ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، وليس كما الحال فى مصر، حيث يوجد بعض المثقفين وقلة من النخبة والنشطاء مندوبون للغرب، أما جماعة الإخوان فهى تمارس تحريضاً ضد مصر، دولة وشعباً، وتنسى أو تتناسى أنها تتناقض عقائديا وفكريا مع أوروبا، وبالتالى فإن دعم الأخير لها سيكون فى إطار حسابات السياسة، ولن يعتبرها بأى حال جزءا منه ثقافيا أو سياسيا. دعم أوروبا لأوكرانيا بهذا الشكل المباشر ومساعدتها على أن تنتصر على رئيسها «الروسى» الانتماء، هو أيضا رهان على تحويل مسار بلد من حليف لروسيا إلى جزء من الاتحاد الأوروبى، مثلما جرى مع أوروبا الشرقية حين دعمت أوروبا مسار التحول الديمقراطى، وربما صنعته فى بعض التجارب، فى حين أنها تفرجت عليه فى مصر وغير معنية حتى بتقديم دعم حقيقى لإصلاح مؤسساتها مثلما فعلت فى تجارب حلفائها. سقوط فيكتور يانكوفيتش فى أوكرانيا هو سقوط لرجل روسيا المعادى لأوروبا، ولكنه يمثل رسالة لأى مشروع سياسى خارج الإملاءات الأوروبية والأمريكية بأنه سيكون مهدداً أكثر من غيره، وبالتالى هو مطالب بألا يكرر تجارب فاشلة حولنا نالت دعماً روسياً مباشراً، مثل بشار الأسد والرئيس الأوكرانى وفشلت فشلاً ذريعاً. أوروبا وأمريكا بعيداً عن مبالغتنا تركتا لنا هامش حركة يرجع إلى عدم اهتمامهما بنا، وأحيانا استعلائهما علينا، لأنهما تريان ضمنا أو صراحة أننا أمم مازالت بالمعنى الثقافى والاجتماعى بعيدة عن قيم ومبادئ الديمقراطية. هذا الهامش من حرية الحركة النسبية يجعل أمامنا تحديين رئيسيين: أن نبنى نموذجا ناجحا اقتصاديا وسياسيا يعرف منذ البداية أنه مستهدف أكثر من غيره لأنه خارج الصناعة الغربية، وأن نعرف أن قدرنا محكوم بقوانا الداخلية وبقدرتنا على التوافق وبناء مشروع سياسى ديمقراطى، لأنه لن يعنى فى حال نجاحه أو فشله أننا سنكون تحت أى ظرف جزءاً من الاتحاد الأوروبى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وأوكرانيا مصر وأوكرانيا



GMT 12:01 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحجار الكريمة التي تناسب برج العقرب

GMT 10:27 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

حقائق شيقة حول الأبراج وعلم التنجيم

GMT 10:50 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

العذراء والميزان بينها الأبراج الأكثر اهتماماً بمظهرها

GMT 11:30 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نساء برج العقرب والحمل يعشقن السيطرة

GMT 14:15 2021 الخميس ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أبراج تتمتع بجاذبية وكاريزما مميزة أبرزها الثور والأسد

GMT 18:35 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أبراج تمتلك جاذبية خاصة أبرزها الجوزاء والأسد

GMT 10:26 2021 الإثنين ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

علاقات مليئة بالتوتر بين ثنائيات هذه الأبراج

GMT 04:21 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيرينا شايك تتألق في كنزة صوفية قصيرة ملونة

GMT 14:34 2021 الإثنين ,31 أيار / مايو

تحسن توقعات الطلب يرفع أسعار النفط

GMT 11:24 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 3 وجهات سياحية في تنزانيا

GMT 09:26 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

وفاة أول من رفع علم مصر فوق خط بارليف

GMT 19:22 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

نصائح لتحقيق حلمكِ في شعر طويل وصحي

GMT 17:13 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وفد قطري يشارك في مؤتمر عن التحكيم بسلطنة عمان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia