الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث

الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث

الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث

 تونس اليوم -

الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث

بقلم :عريب الرنتاوي

أتابع من داكار، العاصمة السنغالية، حيث تلتئم الجمعية العامة التاسعة للحركة العالمية للديمقراطية تحت عنوان “بناء شراكة استراتيجية عالمية للتجديد الديمقراطي”، نتائج وتداعيات ثلاث انتخابات، جرت في توقيت متوازن: البلدية في تونس، والبرلمانية في لبنان، والنقابية في الأردن ... وأحسب أن هذه الانتخابات على أهميتها (بذاتها) إلا أنها تصب في صميم موضوع المؤتمر المذكور، وتحديداً مداخلتي في جلسته العامة، حول الإسلام السياسي ومسألة المواءمة بين قيم الديمقراطية والقيم الثقافية والتقليدية في دولنا ومجتمعاتنا.

من ناحيتي، حاججت بأننا: (1) ما زلنا أبعد ما نكون عن مرحلة “ما بعد الإسلام السياسي”... (2) وأنه سيتعين على هذه المنطقة، حباً أو كرهاً، أن تتعايش مع الحركات الإسلامية لسنوات، وربما لعقود عديدة قادمة ... (3) وأن لا ديمقراطية في المنطقة من دون مشاركة الإسلاميين وإدماجهم، وفي المقابل، لا ديمقراطية إن لم تعمل الحركات الإسلامية ذاتها على تبني وإدماج قيم الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان، في صميم رؤاها وبرامجها، وتأصيلها فكرياً وتراثياً ما أمكن... (4) وأن الديمقراطية ستبقى في خطر، وفي جميع الأحوال، ما لم تنجح مجتمعاتنا في انتاج “معادل موضوعي” لهذه الحركات، من دون الاعتماد على “الدولة العميقة/ الجنرالات” ليكونوا هم أنفسهم، هذا “المعادل، فتلكم الطريق الأخطر لعودة العسكرة للحياة المدنية ونظام الحكم، وهي الطرق الأقصر لقطع دابر التحول الديمقراطي.

نتائج الانتخابات الثلاثة، المشار إليها في مقدمة البيان، تؤكد هذه الحقيقة، وبأقدار مختلفة، ولا تنفيها ... في لبنان عزز حزب الله حضوره السياسي ونجح في توسيع رقعة تمثيله ونفوذ حلفائه ... في تونس، حل النهضة أولاً، على الرغم من “صدمة” ضعف نسب الاقبال على الاقتراع، تماماً مثلما حصل في لبنان ... وفي الأردن، لم تكن هزيمة الإخوان المسلمين في نقابة المهندسين، دلالة على انقلاب المشهد، وتغير قواعد اللعبة في البلاد، بقدر ما جاءت، تعبيراً عن نجاح لا ندري إن كان سيكون مؤقتاً أم دائماً، في تجميع جبهة عريضة في مواجهتهم، وهذا جزء من اللعبة الديمقراطية الانتخابية على أية حال.

لم ينته الإسلام السياسي في منطقة، ولم ندخل بعد “مرحلة ما بعده”، بيد أن الجديد في التجارب الانتخابية هو أن القوى المدنية والديمقراطية والعلمانية على اختلاف مشاربها، تنجح في تحقيق تقدم، سواء عبر بناء شبكات تحالفية واسعة النطاق (الأردن نموذجاً)، أو من خلال منافسة هذه القوى بضراوة على أصوات الناخبين، مستندة إلى مجتمع مدني وحركة نسائية متجذران (تونس على سبيل المثال)، وتقديم مرشحين من خارج نطاق الطبقة السياسية النافذة (لبنان مثالاً).

بالعودة إلى مؤتمر داكار، انخرط المشاركون في بحث عن أسباب وملابسات “تراجع” الديمقراطية عالمياً، وتقدم متحدثون للحديث عن دولهم وأقاليمهم ... وكان عليّ منفرداً، أن أتحدث عن الأسباب التي حالت دون التحاق منطقتنا بموجات التغيير الديمقراطي المتعاقبة التي اجتاحت على فترات متباعدة، قارات العالم الخمس، وأبقتنا في آخر قائمة “التنمية البشرية” بمعاييرها الدولية المتعارف عليها.

وأحسب أنه رغم محاولات الشيطنة المستمرة لحركات الإسلام السياسي التي تخوضها أنظمة وحكومات عربية باتت معروفة، إلا أن غالبية من تلقى فكرة إدماج هذه الحركات في العمليات السياسية الذي عرضت له، قد استحسنها واستساغها، على الرغم مما تنطوي عليه من مصاعب وتناقضات ليست خافية على أحد.

وفي ظني أن قيادات الجماعات الإسلامية، الإخوانية بخاصة، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لمراجعة خطابها وممارساتها، وإحداث القطع والقطيعة مع الفكر التكفيري الذي يقفز بين فينة وأخرى، إلى رؤوس ألسنتهم، ويعبر عمّا يدور في دواخلهم ... كما يتعين على القوى العلمانية، أن تكون أكثر اعتدالاً في مقارباتها، إن هي أرادت للانتقال الديمقراطي أن يتحقق بيسر وسلاسة وأقل الكلف، وإن هي أرادت أن تهبط من عليائها كجماعة نخبوية إلى “الواقع المعاش” للفئات الشعبية المختلفة، وأن يكون لها دور يتعدى “التبشير” إلى القيادة الفعلية لحركة الشارع وعملية التغيير.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث الإسلام السياسي ونتائج انتخابات ثلاث



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 07:14 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

الشعراوي يخضع للفحص تمهيدًا للتوقيع لنادي "روما"

GMT 00:47 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"الفيصلي" يكشف في بيان رسمي أسباب رحيل دوس أنغوس

GMT 20:09 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

خالد عزب يفند أسس "معالم في الطريق" في ندوة

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia