ما الذي تكشفت عنه معركة يبرود

ما الذي تكشفت عنه "معركة يبرود"؟!

ما الذي تكشفت عنه "معركة يبرود"؟!

 تونس اليوم -

ما الذي تكشفت عنه معركة يبرود

عريب الرنتاوي
تكشفت الهزيمة المروّعة التي منيت بها المعارضة المسلحة على جبهة يبرود / القلمون، والتي تزامنت مع الذكرى الثالثة لاندلاع الأزمة السورية، عن جملة من المعطيات والتطورات ذات الدلالة العميقة في فهم تطور الأزمة السورية ومآلاتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أولاً: أن المعارضة متعددة المشارب والهويات والإيديولوجيات، تزداد بمرور الزمن، انقساماً وتشظياً، وأن عوامل انعدام الثقة فيما بينها، وخوف بعضها من بعضها الآخر، الذي يفوق في بعض الأحيان، الخوف من النظام نفسه، أسهم ويسهم في إسقاط العديد من جبهات القتال والمعارك، من دون مقاومة، أو من دون مقاومة صلبة ومكلفة، وهذا لم يحدث لأول مرة، وفي يبرود وحدها ... تكرر المشهد وتتالى سباق المسلحين للانسحاب وتسليم القواطع، وأحياناً التواطؤ مع الجيش. ثانياُ: أن الحروب البينية التي اندلعت في صفوف "داعش والنصرة وجبهة الثوار وأحرار الشام" إلى آخر قائمة الفصائل الجهادية، وأودت بحياة الآلاف من عناصرها وقياديها، قد أسهمت في إضعاف القدرات القتالية لهذه الفصائل مجتمعة، وأصابت الروح المعنوية لمقاتلي هذه الجماعات في مقتل، علماً بأن "جهاديي النصرة وداعش"، كانوا طوال سني الحرب الأهلية الثلاثة، بمثابة "الطليعة المقاتلة" للمعارضات السورية المسلحة ... هذا الأمر لم يعد قائماً. ثالثاً: باستثناء أمراء الحرب والطوائف وزعران الأحياء، لم يعد أحدٌ ممن حملوا السلاح عن إيمان بقضية الحرية والكرامة، مؤمناً بأن هذا الطريق سيفضي إلى أي مطرح ... وهذا ما يفسر (ربما) تسارع وتيرة المصالحات الوطنية المحلية، وتعاون بعض وحدات المعارضة المسلحة مع الجيش السوري ضد "الغرباء" على بعض الجبهات ... وإذا استمر الحال على هذا المنوال، فإن ظاهرة المصالحات قد تصبح عنصراً حاسماً في تقرير مسارات الأزمة السورية ومآلاتها. رابعاً: ثمة ما يشي إلى أن الجيش السوري قد استوعب الصدمة تماماً، وإن متأخراً بعض الشيء، وربما يعود الفضل في ذلك إلى حلفاء النظام في الإقليم، إيران وحزب الله تحديداً، فالطريقة التي يقاتل فيها، والروح المعنوية التي تتحلى بها وحداته، والتماسك الذي تبديه على جبهات القتال، أعادت ترميم صورته الردعية، والتقارير عن المواجهات العسكرية الأخيرة، تشير إلى حالة فزع بدأت تصيب المسلحين على المحاور، ما أن يبدأ الجيش النظام بالتقدم صوبها ... هذه الصورة لم تكن كذلك من قبل، هذا تطور جديد ولافت. خامساً: حالة الخواء التي يعيشها المعسكر الداعم للمعارضة المسلحة وانعدام خياراته و"حيلته"، تنعكس بشكل مباشر على قدرته الميدانية وأدائه على الأرض ... إذ باستثناء التصريحات المخصصة للاستهلاك الإعلامي، لا أحد من المعسكر المناهض للأسد والنظام، لديه اليقين بأن ساعة الحسم آتية لا ريب فيها، وأنها مسألة أسابيع أو أشهر على أبعد تقدير، كما كان يُقال قبل عام أو أزيد قليلاً ... ثم أن هذا المعسكر يبدو منهمكاً من رأسه حتى أخمص قدميه بجملة من الأزمات الأكثر تعقيدا ... الغرب مستهلك بالكاملة في الأزمة الأوكرانية المفتوحة على شتى الاحتمالات ... تركيا غارقة في صراعاتها الداخلية وحروب السيد أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دوره وصورته ونفوذه ... دول الخليج الأكثر حماساً لدعم المعارضة وإسقاط النظام، دخلت في أزمة بينية غير مسبوقة منذ تشكيل مجلس التعاون، وبعض هذه الدول انتقل من دعم المعارضات، جميع المعارضات المسلحة، إلى موقع العداء لأكثرها سطوة ونفوذاً باسم محاربة الإرهاب ... أما جماعة الإخوان المسلمين التي أبدت حماساً لإسقاط النظام ودعم خيارات المعارضات، فهي في حالة انكفاء استراتيجي، تسعى في أن تخرج من الحملة المكارثية التي تتعرض لها في غير عاصمة عربية، بأقل قدر من الخسائر. سادساً: زيادة التورط الإسرائيلي في مجريات الأزمة السورية، عبر سلسلة العدوانات المتكررة التي قارفها الجيش الإسرائيلية ضد إهداف في العمق السوري، وآخرها، الغارات المصحوبة بتهديدات غير مسبوقة، باستهداف النظام على نطاق أوسع، إن هو حاول تغيير قواعد الاشتباك مع الدولة العبرية، وهذا التطور سيكون له تداعياته، غير الإيجابية على خصوم النظام، بخلاف ما يعتقد كثيرون، خصوصاً من بعض "الرموز الخفيفة" في المعارضة السورية. سابعاً: حلفاء النظام في المقابل، "أخذوا نفساً عميقاً" بعد سنوات ثلاث مما كان يعتقد بأنها أعنف ضربة يتلقاها هذ المحور الممتد من طهران حتى الضاحية الجنوبية لبيروت، مروراً بدمشق وبغداد ... حزب الله رد على العدوان الإسرائيلي على مواقعه في السلسلة الشرقية، بعمل من نفس النوع والمقدار ... حركة الجهاد الإسلامية قررت "كسر الصمت" في قطاع غزة، وأمطرت جنوب إسرائيل بوابل من الصواريخ، في مسعى من الحزب والحركة، لقطع الطريق على إسرائيل لتغيير قواعد الاشتباك على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية ... قوات المالكي تصول وتجول في غرب العراق، في عمليات مطاردة واصطياد لمقاتلي داعش، وهي تحقق تقدما ملموساً، وسط دعم دولي وإقليمي، لا تقلل من شأنه بعد التدخلات اليائسة من دول مجاورة في سياق حروب المذاهب والطوائف المشتعلة في المنطقة. خلاصة القول: بعد ثلاث سنوات من اندلاع الأزمة السورية، تبدو صورة الوضع السياسي والميداني في حالة تبدل استراتيجي، وما معركة يبرود، وقبلها القصير، سوى إرهاصات لوضع جديد ناشئ، والمعتقد أن مدينة حلب، ستكون الحلقة الثانية لاختبار مستوى عمق و"استراتيجية" هذا التحول، وقد يحدث ذلك قريباً، ويتعين أن يحدث قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يبدو النظام مصراً على إجرائها ولو على قاعدة "بمن حضر".
arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تكشفت عنه معركة يبرود ما الذي تكشفت عنه معركة يبرود



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia