هل يأتي الترياق من «لاهاي»

هل يأتي الترياق من «لاهاي»؟

هل يأتي الترياق من «لاهاي»؟

 تونس اليوم -

هل يأتي الترياق من «لاهاي»

بقلم :عريب الرنتاوي

موسكو ودمشق دعتا منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية لإرسال فريق من الخبراء إلى دوما، لمعرفة ما الذي حدث، أو لم يحدث، هناك ... المنظمة استجابت للدعوة، ومن المفترض أن يصل فريق الخبراء إلى ساحة الحدث، الذي سيغير مسارات الأزمة السورية، خلال ساعات وأيام، ما لم تحدث العرقلة من هنا أو هناك.

ما الذي يمكن أن يخرج به فريق الخبراء في حال تمكن من معاينة ساحة الجريمة المؤكدة أو المزعومة؟ ... سيناريوهات أربعة، لا خامس لها، من المفترض أن يفضي كل واحد منها إلى شق مسار مختلف للأحداث والتطورات، هذا إن لم تفاجئ الضربة العسكرية الأمريكية الفريق قبل وصوله، وتحول دون وصوله.

السيناريو الأول: أن يتبنى الفريق الرواية الروسية – السورية المشتركة، فيقول في تقريره لرؤسائه، أن هجوماً لم يقع أصلاً، وأنه لم يجد أثراً للكلور أو السارين، ولم يكن هناك ضحايا ليلتقي بهم ... إن حصل ذلك، فإن واشنطن وحلفاءها سيتلقون أشد صفعة في وجوههم، وسيبرهن الغرب مرة أخرى، بأن منظومته الأخلاقية والقيمية، مثقوبة، ولم تعد صالحة للتصدير والترويج، ولا يُبنى عليها... وسيخرج كل من بوتين والأسد وخامنئي وحسن نصرالله، رافعين رايات النصر الميداني والتفوق الأخلاقي.

السيناريو الثاني: أن يجد الفريق ما يدعم الرواية الأمريكية – الغربية التي أيدها بعض العرب من دون تمحيص أو تأمل، فيقول إن ثمة عدوانا بالكيماوي، وقع في دوما، وذهب ضحيته عدد كبير أو صغير من المدنيين الأبرياء أو المسلحين غير الأبرياء، مرجحاً أن يكون النظام هو من قارفه ... ساعتئذ، سيكون تقرير الخبراء، بمثابة المسمار الأخير في نعش «صدقية الكرملين» وصفعة في الصميم لنظام الأسد وحلفائه، الذين يبنون سرديّاتهم على استنقاذ الشعب السوري والمدنيين الأبرياء من براثن «الفصائل الإرهابية»، وسيتعين على هذا المحور، مواجهة محور دولي – إقليمي وازن.

السيناريو الثالث: أن يجد الفريق الأممي، أن جريمة كيمائية قد اقترفت فعلاً، وأن الدلائل تشير إلى مسؤولية «المعارضة المسلحة» عن هذه الجريمة النكراء ... عندها سيكون الكرملين و»قصر الشعب» قد سجلا فوزاً معنوياً وأخلاقياً، سيجُبّ ما تقدم من ذنوبهما وما تأخر.

السيناريو الرابع: أن يقرر فريق الخبراء بأن السلاح الكيماوي قد استخدم في الغوطة، بيد أنه غير قادر على تحديد الجهة التي تسببت به، وأن الأمر يستتبع تشكيل آلية دولية خاصة للتحقيق في الجريمة ... عندها، سيتمسك كل طرف بروايته وسردياته، وستحكم واشنطن وحلفاؤها على موسكو ودمشق وطهران، بالمسؤولية عن مقارفة الجريمة، ولن يكون ثلاثي العدوان المنتظر على سوريا، بحاجة لساعة إضافية من الوقت للتحقيق في الأمر.

السيناريوهان الثاني والثالث مستبعدان تماماً، فالفريق الذي سيأتي على عجل، لن يكون بوسعه تحديد الجهة المسؤولة عن الجريمة، اللهم إلا إذا كان مدججاً بأجندة سياسية أو محكوما بتوجهات استخبارية ... بيد أنه سيكون قادراً على الجزم بأن هجوماً كيماوياً قد وقع أو لم يقع ... وإذ إن نظام الأسد، ومعه الرئيس بوتين، متهمان دائماً ما لم تثبت براءتهما، فإن السيناريو الوحيد الذي سيخرجهما من عنق الزجاجة، هو سيناريو الجزم بعدم وقوع الهجوم الإرهابي.

ولأن الدعوة لفريق الخبراء قد صدرت عن دمشق وموسكو، فإن من المنطقي الافتراض بأن الحليفين واثقان من براءتهما، ما لم تكن في نيتهما بذل جهود مضنية لتضليل التحقيق وتبديد الأدلة وإبعاد الشهود، وهي عملية لن تخفى على الخبراء على أي حال، ومن السهل كشفها.

استجابة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية للدعوة الروسية – السورية للتحقيق مهمة جداً، وقد تصبح بداية تحول في مسار الأزمة السورية، ما لم تتدخل الطائرات الحربية والصواريخ المجنحة لإحباط مهمة فريق الخبراء، قبل أن تبدأ.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يأتي الترياق من «لاهاي» هل يأتي الترياق من «لاهاي»



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 07:14 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

الشعراوي يخضع للفحص تمهيدًا للتوقيع لنادي "روما"

GMT 00:47 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"الفيصلي" يكشف في بيان رسمي أسباب رحيل دوس أنغوس

GMT 20:09 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

خالد عزب يفند أسس "معالم في الطريق" في ندوة

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia