في عامها الخامس الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي

في عامها الخامس... الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي

في عامها الخامس... الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي

 تونس اليوم -

في عامها الخامس الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي

علي الأمين

اربعة اعوام مرت من عمرها والثورة السورية عصية على الموت. لم يخرج السوريون في ربيع العام ٢٠١١ ضد نظام الاسد والعائلة، ترفاً. لم تخرج تظاهرات الاحتجاج، في العام الاول، ضد النظام الذي اوغل خلال اربعة عقود بدماء السوريين وبكراماتهم الانسانية، الا بعدما كاد الكثيرون يظنون ان الموت قد استحكم بالناس. لذا كان خروج الناس تعبيرا عن سنوات الالم التي تراكمت في الارواح، واثخنت نصالها جسد الشعب.

 

لماذا خرج السوريون من اقبية الظلم الى شوارع الحرية؟ هذا ما يثير التساؤل لدى البعض او يدفع الى الاستغراب والاتهام، او يفتح بابا للدهشة البلهاء. لم يترك نظام الاستبداد فسحة للتغيير او منفذاً للامل بحصوله. وطيلة اربعة عقود كان النظام يصرّ على ان يوصد ايّ نافذة تفتح على تغيير سلمي. كان يستهزىء باي دعوة للمشاركة، ولو على هامش السلطة. كل دعوة للاصلاح تنطلق من الشعب كانت بالضرورة في لغة نظام الاسد هي "مؤامرة" على الدولة السورية. ويتحول الداعون اليها من محاورين ومعارضين الى قتلى او سجناء او مطاردين بتهمة العمالة والتآمر... والآلاف من المعتقلين السياسيين الذين ماتوا او قتلوا في معتقلاتهم كانت حكاياتهم شاهدة على مستوى القمع الذي تفوق باشواط كثيرة على غيره من انظمة القمع في العالم العربي.

 

لم يخرج الثوار السوريون الى الشوارع ترفاً كما ليس لأحد ان يطلب من المظلوم، حين يرفض الظلم ويتصدى للظالم، ان يرضى باستباحة حقوقه وكرامته، وان يظل منتظراً الاصلاح عقودا كأنه منحة من الحاكم يهبها الى الرعية اذا شاء... وان يقتنع ان حقوقه كمواطن تحددها اجهزة الامن وتقررها مافيات السلطة التي نهبت الدولة. باسم الاشتراكية حينا عبر مصادرة الاراضي، وباسم التأميم حينا، وباسم الانفتاح حيناً آخر. وفي الحالات كلها لحساب مافيات وافراد ودائما باسم الاشتراكية وباسم الوحدة والأنكى باسم فلسطين.

 

مرت اربع سنوات على الثورة اليتيمة، وتكشف الوقائع كم انّ النظام السوري حاجة لخارجه. مئات الآلاف من القتلى السوريين وحجم الدمار الهائل الذي سببه النظام، وملايين المهجرين، لا يستحقون في العرف الدولي والاقليمي الدفع نحو تغيير النظام لوقف المجزرة. فبقاء النظام لم يزل حاجة دولية. ولا نتحدث عن الموقف الايراني فقط، بل الاميركيون والروس ايضا واخرها موقف وزير الخارجية الاميركي جون كيري، اما تركيا ودول الخليج العربي فهي باسم دعم الثورة ساهمت في محاولة خنقها اما سعيا لمصادرتها، او تفاديا لتمدد" وباء" الربيع العربي الى دولهم ومجتمعاتهم.

 

لكن الثورة السورية تبقى عصّية على الموت، عصّية على التحكم الاقليمي والدولي، تنفجر في وجه كل محاولة للقضاء عليها، وتتفلت من كل مصادرة لتضحياتها وشهدائها. فقد تجاوز السوريون مرحلة نظام الاسد، وانتقلوا الى مرحلة جديدة من الصراع. باتوا يدركون ان هذا النظام فقد قدرته على الاستمرار في سورية الجديدة، وما تبقى منه هو آلة القتل، وحاجة الآخرين لهذه الآلة. لذا هم يصارعون من اجل الحياة، تلك التي لا مكان او حيّز فيها لآلة الاسد او آلة الموت.

 

يدرك السوريون ان الاستثمار في دمائهم وتدمير بلادهم لن يكون نزهة ايرانية - اميركية ولا تحقيقا لأمنية اسرائيلية، ولن يكون رصيدا لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش). هذا ثمن ارادة تغيير نظام صمتت كل الدول عن فضيحة جرائمه وتسترت عليها طيلة نحو اربعة عقود. ويدرك السوريون، وسواهم ممن نالتهم شرور هذا النظام من فلسطينيين ولبنانيين واكراد وغيرهم، ان احدا من الانظمة العربية لم يجر التستر على ارتكباته وجرائمه، من المغرب والمشرق، كما جرى حيال ارتكابات هذا النظام من مجزرة حماه الى ابادة الآلاف السجناء، الى التنكيل بكل من طالته اجهزته طيلة ثلاثة عقود طبعا باستثناء المحتل للجولان، الى عشرات الآلاف من المفقودين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين الذين غابوا في سجون الاسد.. وكل ذلك قبل العام ٢٠١١.

 

الثورة يتيمة الا من ارادتها، ورغم كل التنكيل ومحاولات المصادرة ثمة ارادة تنتصر كل يوم على محاولات كسرها. هي ارادة الحياة. المخاض عسير، فالثورة انتقلت من مرحلة تغيير النظام الى مرحلة التحرر من كل المصادرات الايديولوجية، التي بررت الاستبداد وذادت عنه. الثورة السورية ناصعة لأنها تخيف كل خصومها سواء من يدعي منهم نصرتها او من اعلن جهارا الوقوف ضدها وغرق في قتالها.

 

اربعة عقود واربع سنوات مرت على نظام الاسد، واربع سنوات من الثورة المستمرة كشفت حقيقة ان نظام الاسد ليس الا صورة لتقاطع مصالح دولية واقليمية لا وطنية سورية ولا عربية ايضا. وما يقاتله السوريون اليوم هو هذا النظام الاقليمي والدولي بكل امتداداته وتناقضاته المصطنعة. وقدر الثورة ان تنتصر... قبل اربع سنوات خرج اطفال درعا باصابعهم المفعمة بفنون اللعب، بتر الاسد اصابعهم لكن الدماء التي سالت من اياديهم الغضة ستنبت وعود بناء سورية الجديدة، سورية الحرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في عامها الخامس الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي في عامها الخامس الثورة السورية تقاتل المجتمع الدولي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia