ليبيا ضحية المسلحين

ليبيا ضحية المسلحين

ليبيا ضحية المسلحين

 تونس اليوم -

ليبيا ضحية المسلحين

جهاد الخازن

بعد سقوط معمّر القذافي وقتله في تشرين الأول (اكتوبر) 2011 كانت ليبيا تستطيع أن تصبح جنة الله على أرضه. شعبها حوالى ستة ملايين، مع دخل نفطي عالٍ يكفي لتلبية طموحات الديموقراطية والحرية والرخاء. ما حدث حتى الآن هو أن ليبيا أصبحت جحيماً لأهلها وخطراً على جيرانها.

الليبيون دفعوا ثمناً كبيراً لتنجح ثورة 2011. سقط منهم حوالى 30 ألف قتيل، ولم يتوقف القتل بعد ذلك، فهذه السنة كان هناك مئات القتلى كل شهر، ولا سبب منطقياً لتوقع عودة الهدوء.

الكل مسؤول، السياسيون من أيام القذافي والذين أفرزتهم الثورة، المليشيات من إسلامية أو قومية، الدول الغربية التي ساعدت الشعب الليبي على إنهاء ديكتاتورية القذافي، وحصلت على اتفاقات نفطية، ثم تركت الليبيين لمصيرهم. هذا الشهر قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري إن مشاكل ليبيا يحلها الليبيون، ولكن لم يعترف بأن الولايات المتحدة لعبت دوراً في قيام هذه المشاكل. بل أنني أزيد على ما سبق مسؤولية مصر، فنحن لا نزال ننتظر من عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي القيادة، غير أن وزير خارجيته سامح شكري صرّح أخيراً بأن مصر لن تتدخل في الشأن الليبي. أقول إن مصر يجب أن تتدخل إذا كان لها أن تعود الى موقعها القيادي العربي، وأيضاً من منطلق واجبها ازاء شعب شقيق وجار، والأهم من ذلك كله حماية نفسها، فليبيا أصبحت تصدِّر الارهاب الى الجوار، من مالي الى سيناء.

الاسلاميون فازوا في انتخابات 7/7/2012 التي كانت أول إنتخابات ديموقراطية في ليبيا منذ عقود، وهم أسرعوا الى إصدار قانون يمنع المسؤولين من عهد القذافي من ممارسة السياسة، لينفردوا بحكم البلاد، وأساؤوا الحكم كما فعل الاخوان المسلمون في مصر، وسقطوا في إنتخابات حزيران (يونيو) الماضي، فلم يبقَ في برلمان من 188 عضواً سوى 30 نائباً إسلامياً من أنصار ميليشيا مصراتة قاطعوا جلسة البرلمان في طبرق التي انتخبت رجل قانون هو عقيلة صالح عيسى رئيساً بحجة أنها غير دستورية.

اليوم هناك في ليبيا حكومات، والحكومة الشرعية التي يرأسها عبدالله الثني لا تكاد تحكم، وهناك حكومات على الأرض للمليشيات والمسلحين، وقد قرأت أن عدد المسلحين 250 ألفاً الى 500 ألف، إلا أنني أرجح أنهم يتجاوزون المليون وعلى صورة القذافي ومثاله. وبعد أن كان قتال الميليشيات في بنغازي وحولها، انتقل الى العاصمة طرابلس، ومنذ أسبوعين وهناك قتال حول المطار الذي دُمِّرت الطائرات فيه والمباني، ما حمل سفارات أجنبية على ترحيل ديبلوماسييها ومواطنيها حفظاً لأرواحهم.

القتال الأسوأ هو الآن بين ميليشيا مصراتة الاسلامية وميليشيا زنتان الوطنية، وقد دخل على الخط اللواء خليفة حفتر، وبين الليبيين الذين يتعلقون بحبال الأمل مهما كانت واهية مَنْ يعتقد أنه ذلك المستبِّد العادل الذي طالب به جمال الدين الأفغاني يوماً.

هل هو كذلك؟ أتمنى أن يكون إلا أن المعلومات لا تساعدني. هو عسكري تمرَّد على القذافي وهرب الى الولايات المتحدة ويحمل الجنسية الاميركية. وهو جعل شعاره محاربة الميليشيات الاسلامية، من دون أن يستثني الاخوان المسلمين مع أن لهم شعبية كبيرة في ليبيا، وتهمة الارهاب لا يمكن إثباتها عليهم. حفتر رجل سبعيني صاحب خلفية عسكرية، ولا يبدو أنه يملك من الحكمة ما يكفي لاستمالة غالبية من الليبيين، بل أراه شخصية خلافية أخرى، وتعاون الادارة الاميركية معه يزيد الشكوك في صلاحيته لوضع ليبيا على طريق الديموقراطية.

كان الوضع أيام القذافي سيئاً، وهو ازداد سوءاً الآن ولا نهاية في الأفق، والضحية شعب ليبيا الطيّب ثم الجيران.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ضحية المسلحين ليبيا ضحية المسلحين



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia