لم يبقَ سوى البكاء

لم يبقَ سوى البكاء

لم يبقَ سوى البكاء

 تونس اليوم -

لم يبقَ سوى البكاء

جهاد الخازن

أرتِج عليّ ولا حلول عندي فلم يبقَ سوى البكاء، وأتوكأ على دراستي الأدبية لأقدم للقراء شعراً باكياً فهو عندنا من أول معلقة وحتى اليوم.
امرؤ القيس قال في شعر مشهور:
كأني غداة البين يوم تحملوا / لدى سمرات الحي ناقف حنظل
ففاضت دموع العين مني صبابة / على النحر حتى بلَّ دمعي محملي
الخنساء بكت أخاها صخراً، ولو عاشت معنا لبكت الوطن. هي قالت:
يذكرني طلوع الشمس صخراً / وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي / على إخوانهم لقتلت نفسي
متمم بن نويرة بكى أخاه مالكاً وقال:
وقالوا أتبكي كل قبر رأيته / لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت لهم إن الأسى يبعث الأسى / ذروني فهذا كله قبر مالك
هناك بكاؤون في التراث العربي القديم، وقرأت عن خمسة وأيضاً عن سبعة، ولكن أبقى اليوم مع الشعر الباكي وهو كثير عند العذريين.
المجنون قيس قال:
ومما شجاني أنها يوم ودعت / تولت وماء العين في الجفن حائر
فلما أعادت من بعيد بنظرة / اليّ التفاتاً أسلمته المحاجر
أما قيس بن ذريح فقال:
أتبكي على لبنى وأنت تركتها / وكنت كآتٍ غيّه وهو طائع
وقال أيضاً:
ولو أني قدرت غداة قالت / غدرتَ وماء مقلتها يسيل
نحرت النفس حين سمعت منها / مقالتها وذاك لها قليل
الفرزدق قال:
سأبكيك حتى تُنفِد العين ماءها / ويشفيَ مني الدمعُ ما أتوجع
أما مسلم بن الوليد فكان رأيه:
الورد في وجنتيه مشرق / كأنه يشرب من مدمعي
وذو الرمة له:
ولما تلاقينا جرت من عيوننا / دموع كففنا ماءها بالأصابع
ولأبي تمام:
عيون حفظن الليل فيك محرما / وأعطينك الدمع الذي كان يُمنع
وقد كان يُدعى لازم الصبر حازما / فأصبح يدعى حازما حين يجزع
أرجو من القارىء أن يلاحظ في هذا البيت الكلمتين الصبر ويجزع، فهذا هو الاستعمال الصحيح لأن الجزع في القاموس تعني عدم الصبر لا الخوف.
المتنبي لم يقصر وله قصيدة مطلعها:
أتراها لكثرة العشاق / تحسب الدمع خلقة في المآقي
كيف ترعى التي ترى كل جفن / راءها غير جفنها غير راقي
راءها مقلوبة من رآها، وللمتنبي أيضاً:
ان التي سفكت دمي بجفونها / لم تدر ان دمي الذي تتقلّد
الشعراء الشوام بكوا كثيراً ولو كانوا معنا اليوم لكانت أسباب البكاء أكثر.
ديك الجن الحمصي قال:
ان تك الأيام قد أذنبت / فيك فإن الدمع لا يذنب
أبو الوأواء الدمشقي قال:
لو أعشب الخد من دموع / لكان في خدَّيَ الربيع
والقاضي الفاضل الذي ولد في دمشق وعاش في مصر قال:
يا رياح الشآم أنت رسول / يتمنى في حاجة العشاق
ذَخَرَت مقلتي كنوز دموع / فاجهدي يا هموم في الإنفاق
ابن الساعاتي ولد في دمشق أيضاً وله:
لا تلوم عين على طول البكا / كيف لا تدمع والبين قذاها
أما أبو نسيم الحموي فقال:
لا تنكرن علي فيض مدامعي / فالدمع يفقع غلة المحزون
وأصاب التهامي قديماً وحديثاً وهو يقول في ابنٍ مات:
أبكيه ثم أقول معتذراً له / وُفِّقتَ حين تركتَ ألأم دار
ابن عنين قال:
وقفت أبكي وراحت وهي باكية / تسير عني قليلاً ثم تلتفت
أعتقد أنني قدمت للقارىء اليوم ذخيرة من الشعر الباكي تناسب «الأوضاع» وأتركه مع قول البحتري:
إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها / تذكرت القربى ففاضت دموعها
أقول للبحتري: كان زمان.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يبقَ سوى البكاء لم يبقَ سوى البكاء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia