الحاج أمين كما عرفته

الحاج أمين كما عرفته

الحاج أمين كما عرفته

 تونس اليوم -

الحاج أمين كما عرفته

جهاد الخازن

قرأت لروبرت فيسك، الصحافي البريطاني والخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط، عرضاً لكتاب عنوانه «النازيون والاسلاميون وقيام الشرق الاوسط الجديد» كتبه باري روبن وولفغانغ شفاينتز، خلاصته أن الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، مسؤول عن المحرقة النازية.
المؤلفان يكيلان تهماً مستحيلة للحاج أمين، وفيسك يكيل له الاهانات، وأقول إن رجل دين فلسطينياً لا يمكن أن يمارس هذا النوع من التأثير في النازيين الذين كانوا يعتقدون أن العرب زنوج ومن مستوى هابط لا يرقى الى نقاء الجنس الآري. هم دُهِشوا عندما وصل المفتي الى برلين ووجدوا أمامهم رجلاً أبيض اللون أزرق العينين، عيبه الوحيد أنه ضئيل الجسم ولا يرقى الى حجم آري.
روبرت فيسك يدين الكتاب الذي يبني بعض نظرياته على «الاحتمال»، وأنا لن أقرأ الكتاب وإنما استعنت في كتابة هذا المقال بكل ما وجدت من مراجعة له ونقد.
المؤلفان لا يعرفان مفتي القدس، وفيسك لا يقول في عرض كتابهما إنه رآه. أنا أعرف الحاج أمين، وكنت أذهب الى دارته في التلال فوق بيروت لأسمع رأيه وأناقشه. ونشرت مرة مقابلة لي معه في «الديلي ستار» التي كنت أرأس تحريرها.
كان دفاعه الأساسي عن نفسه وعن رفاقه في الذهاب الى المانيا أنهم عملوا بالمبدأ «عدو عدوي صديقي»، وبما أن بريطانيا صاحبة وعد بلفور، وتسهِّل هجرة اليهود الى فلسطين حتى قبل بدء المحرقة، فقد ذهب المفتي ورفاقه ليطلبوا مساعدة المانيا ضد البريطانيين لا أكثر ولا أقل.
المفتي ذهب قبل بدء المحرقة أو إنتشار أخبارها، وكل ليكود العالم لن يغير هذه الحقيقة. وقد كتبت مرة، نقلاً عن المفتي، أن هتلر قبِلَ دعوة لافتتاح مقر المجموعة العربية في برلين، ووصل وكانت أمامه حلويات ومكسّرات فمد يده الى «بزر» البطيخ، وأكله بقشره فأسرع الحاضرون العرب الى «قزقزة اللب» أمامه، وهو سألهم: إذا كنتم تقضون وقتكم في هذه الهواية متى تعملون؟
المفتي قال لي مرة إنه كان بين المجموعة العربية التي رافقته جاسوس مزدوج للبريطانيين، وهؤلاء حاولوا بعد انهزام النازية اعتقال العرب الذين أقاموا في برلين إلا أن شارل ديغول هرّبهم الى العراق من طريق فرنسا، ومن المستحيل أن يفعل ديغول هذا إلا إذا كان واثقاً من أن لا علاقة لهم بالمحرقة.
الكتاب ومثله كثير يحاول أن يجد أعذاراً لقيام اسرائيل في أرض فلسطين، والعذر أحياناً الدين والتاريخ، فأقول إن الدين مُختَرَع بعد مئات السنين من رواياته أو خرافاته، وإن التاريخ لا يضم أي آثار لأنبياء اليهود وملوكهم في بلادنا، لا آثار إطلاقاً. العذر عند روبن وشفاينتز مسؤولية العرب، أو الحاج أمين تحديداً، عن المحرقة وهذه خرافة صهيونية أخرى لتبرير سرقة الأرض وقتل أهلها أو تشريدهم... يعني هتلر لم يكن ليقتل اليهود لولا أن الحاج أمين «لعب بعقله».
روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المؤيد لاسرائيل، ألف كتاباً عنوانه «بين المؤمنين، قصص منسية عن وصول الهولوكوست الى الأراضي العربية» يتحدث فيه عن أبطال عرب في شمال افريقيا حموا يهود بلادهم وخبأوهم في منازلهم لمنع الحكومة الفرنسية المتعاونة والنازيين من الوصول اليهم. والنتيجة أن خسائر اليهود بين العرب المسلمين في شمال افريقيا لم تتجاوز 500 شخص مقابل ستة ملايين في الغرب المسيحي.
الحاج أمين الحسيني أخطأ في الذهاب الى المانيا إلا أنه لم يسعَ الى قتل اليهود وكل كلام آخر جزء من كذبة اسمها إسرائيل دفع الفلسطينيون ثمنها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاج أمين كما عرفته الحاج أمين كما عرفته



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia