أبعاد تدمير حلب الإقليمية

أبعاد تدمير حلب الإقليمية

أبعاد تدمير حلب الإقليمية

 تونس اليوم -

أبعاد تدمير حلب الإقليمية

بقلم : عبد الرحمن الراشد

المأساة الإنسانية في حلب أعظم من أن نستطيع وصفها٬ تمثل ذروة الِمحنة السورية. وعدم تحدي المعتدين سيعطيهم بطاقة مفتوحة لفعل ما يشاءون في منطقتنا. حلب ستفتح شهية إيران وحلفائها للعدوان من دون حدود٬ هذه هي المحصلة من فشل العمل الإقليمي والدولي. أما بالنسبة إلى السوريين أنفسهم فإن المعتدين سينجحون في تدمير ما بقي واقفا٬ وارتكاب المزيد من الجرائم٬ لكنهم لن يحققوا هدفهم بإعادة بسط سلطة بشار الأسد على حلب وغيرها.

منذ العام الماضي٬ عندما دخلت القوات الروسية سوريا وشاركت في الحرب إلى جانب قوات نظام بشار الأسد٬ ومع القوات الإيرانية٬ وهي تتحدث عن «تحرير» مدينة حلب.

لا يزال الوضع كما هو٬ رغم ما زعمته موسكو من سحب قواتها واتضح أنه ليس صحيحا.

الإيرانيون سبقوا الروس بعامين في إرسال قوات إلى هناك٬ ومثل الروس لم يفلحوا. وكبرت قوات الحرس الثوري الإيراني قدراتها بتشكيل تحالف واسع من الميليشيات الدينية المتطرفة من «حزب الله» اللبناني٬ و«عصائب الحق» العراقي٬ والأفغان وغيرهم٬ وفشلت. وهي النتيجة نفسها التي فشل في تحقيقها جيش الأسد منذ بداية المواجهات مع مواطنيه في انتفاضة عام 2011.

مقاتلات السوخوي والميغ الروسية٬ ومعها الطائرات السورية٬ تتمتع بسيادة كاملة على الجو بسبب حرمان المعارضة السورية من الحصول على صواريخ ودفاعات أرضية٬ ونجح سلاح الجو الروسي والسوري في شيء واحد فقط٬ في تدمير المدن بشكل لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية٬ لكنه لم يحقق لهم شيئا يذكر٬ باستثناء استرجاع بعض الأحياء في حلب٬ التي لا تغادرها القوات السورية بعد أن صارت مصائد لها. وكل ما تستطيع أن تتحدث عنه موسكو من انتصارات٬ هو أنها مكنت قوات الأسد من استعادة مدينة تدمر الأثرية٬ لكن لا يزال الأسد نفسه لا يجرؤ على مغادرة قصره في دمشق. فجزء من أرياف العاصمة لا يزال في أيدي المعارضة٬ بعد فشل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في السيطرة عليه.

نتائج التدخل الروسي الإيراني هزيلة٬ حتى إذا وضعنا في الاعتبار الجهود القصوى المبذولة لمحاصرة المعارضة بقطع التمويل التركي لها٬ وتقلص المساعدات الخارجية أيضا للمعارضة٬ وسكوت الأمم المتحدة على جرائم هذه الجيوش ضد المدنيين٬ وفوقها قيام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بضرب تنظيمات «داعش» بالتنسيق مع النظام السوري٬ وترك قوات الأسد تستولي على المناطق المحررة. كل هذه الجهود المشتركة نجحت في الهدم والتهجير وقتل ثلث مليون إنسان٬ لكنها فشلت في تحقيق ترميم سلطة النظام السوري٬ إلى كما كانت عليه قبل الثورة. ما تبقى أمام الروس والإيرانيين هو دفع المزيد من الملايين من سكان المدن السورية٬ مثل حلب٬ للهروب إلى خارج الحدود.

ستستمر عملية الإبادة بالقتل والتشريد من قبل الثلاثي الإيراني والروسي والأسدي٬ ما لم تتحرك القوى الإقليمية وتدعم المعارضة بتمويلها بأسلحة تعطل الهجوم الجوي المتوحش. لا نتوقع من أي من دول المنطقة تدخلا عسكريا مباشرا٬ ولن تحرك الأمم المتحدة ساكنا٬ ولن تبدل إدارة باراك أوباما موقفها اللامبالي. سكوت حكومات المنطقة على هذه الإبادة٬ سيجعلها تدفع الثمن أكبر لاحقا؛ حيث ستتجرأ إيران على تكرار جرائمها. وأخشى أننا سنراها في العراق قريبا٬ طالما أنها تشعر عن ثقة اليوم أن أحدا لن يتحداها في سوريا. وهي تقوم حاليا بتكسير النظام السياسي في بغداد بهدف السيطرة عليه تماما٬ والأرجح أنها ستدفع بقواتها أو بميليشيات بديلة للسيطرة على الوضع هناك.

من دون تشكيل جبهة تقف في وجه المعسكر الإيراني٬ سيتوسع نطاق الأزمة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعاد تدمير حلب الإقليمية أبعاد تدمير حلب الإقليمية



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia