ابنة الزمّار وحسناء الزمان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

 تونس اليوم -

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

سمير عطا الله
سمير عطا الله

نحن لا نذهب إلى المصادفات، بل هي من تأتي إلينا. في الوقت الذي كانت مصر تودع نوال السعداوي وهي لا تزال تهتف بحقوق المرأة، انطلق موكب المومياوات من القاهرة إلى الفسطاط، وفيه 4 ملكات فرعونيات، حكمن مصر ووسعن ديارها وضاعفن ثرواتها ورسَّخن مجدها القديم.وأعادنا هذا الموكب المحمّل بذكريات وعلاقات التاريخ، إلى امرأة أخرى من ملكات مصر، كان اسمها كليوباترا. وقد ارتسمت صورتها في ذاكرة العالم، على أنها الملكة الجميلة والعاشقة التي انتحرت بلدغة من أفعى. وصورة كليوباترا العاشقة طغت على سيرة إحدى أعظم الشخصيات السياسية في التاريخ. كانت كليوباترا فائقة الجمال، لكنها كانت أيضاً فائقة الذكاء والحنكة والحكمة. وكانت لها موهبة في إجادة اللغات، ليست لأحد. تفاوض كل قادم بلغته. وكانت مفكرة استراتيجية ومخططة عسكرية كبرى. وعاشت في زمن مليء بالحروب والمؤامرات والتحالفات والهزائم والانتصارات. وتنقلت في مصر وسوريا وروما في أبّهة إمبراطورية تدهش الجموع التي تخرج بالآلاف للتفرج على الملكة التي تجعل من موكبها مشهداً مسرحياً مذهلاً. في البحر أو في البرّ. وكان عالم روما والقياصرة يومها مليئاً بالدسائس والخيانات والمؤامرات، وقد أبدعت في مواجهتها.
كان والدها، بطليموس الثاني عشر، حاكماً ضعيفاً، ويمضي معظم وقته في العزف على الناي. ولذلك، لقبَّ «الزمار». وبعد مقتل شقيقتها برنيس، التي ورثته، أعادت إلى عرش الإسكندرية، قوته وهالته، مرة بالمكر، ومرة بالقوة، ومرة بالدبلوماسية.
ومنذ تلك الأيام وما قبلها، عُرف المصريون بالنكتة. ولم تكن ملكتهم إلا منهم أيضاً. وذات مرة أراد عشيقها، الجنرال أنطونيو أن يبهرها كصائد سمك، فاتفق مع غطاس على أن يملأ شبكته من تحت الماء. وعرفت هي بالأمر، فأمرت الغطاس أن يملأ الشبكة سمكاً ميتاً. وفوجئ أنطونيو بما يرى، فيما كانت هي إلى جانبه، فضحكت طويلاً، وقالت له تلك الجملة التي ذهبت مثلاً تاريخياً: «جنرال، اترك صيد السمك للصيادين. أنت، لعبتك في المدن والأقاليم والممالك».
أخفق أنطونيو في حروبه. ولم يعد قادراً على دفع رواتب جنوده. ولم يكن أمامه سوى كليوباترا التي طلب منها المساعدة. ففعلت. فهي تريد من خلاله، في نهاية الأمر، أن تضم روما إلى مصر، وليس العكس.
كان ذلك في القرن الأول قبل الميلاد. أي نحو ألفي عام. ملكات ملكات ملكات. وقد ودعت بعض وسائل التواصل نوال السعداوي بالسخرية من لون بشرتها ولون شعرها. ويخطر لك أنديرا غاندي التي أنقذت وحدة الهند و600 مليون بشري (آنذاك)، وبنازير بوتو، ومارغريت ثاتشر، والملكة فيكتوريا، وخصوصاً جاسيندا أردرن في نيوزيلندا. لكن من بينهن جميعاً لم تعرف حاكمة ما خاضته كليوباترا من صعاب وآلام وخيبات وأمجاد. وهي التي غناها محمد عبد الوهاب بقوله: هذه فاتنة الدنيا وحسناء الزمان!

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابنة الزمّار وحسناء الزمان ابنة الزمّار وحسناء الزمان



GMT 07:40 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لا 99 ولا 100

GMT 10:52 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الصين جزء من المشكلة لا من الحلّ

GMT 10:49 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حاكم العراق يقلِّب جمرتين

GMT 10:47 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بيان تعليق عضوية

GMT 09:34 2021 السبت ,09 تشرين الأول / أكتوبر

السادة المبعوثون

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia