مذابح الغوطة العالم يتفرج

مذابح الغوطة.. العالم يتفرج

مذابح الغوطة.. العالم يتفرج

 تونس اليوم -

مذابح الغوطة العالم يتفرج

بقلم : منى بوسمرة

جرائم الحرب التي وقعت بحق الشعب السوري على مدى سبع سنوات وما زالت متواصلة جرائم مروعة ندر أن شهد لها التاريخ مثيلاً، وأدت إلى سفك دم الكثير من الأبرياء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن.

هذه المذبحة المستمرة التي يتعامى عنها العالم لا تفرق بين مسلح وأعزل، كان آخر فصولها في الغوطة الشرقية، حيث قصفت قوات النظام السوري مواقع عدة، وتسببت في قتل المئات، والذريعة المعتادة أن هذه مواقع يتم إطلاق الصواريخ منها من جانب المعارضة السورية، في محاولة لتبرير هذه الجرائم.

كل مرة وعلى مدى سبع سنوات يتم فيها قتل مدنيين وتشريدهم، تعلن دمشق الرسمية أن تلك المواقع كانت جيوباً للمعارضة المسلحة، وسواء كانت هذه الجماعات متطرفة أو معتدلة، فإن هذا التبرير الذي يتغطى به النظام لا يصدقه أحد، لأن الذين يدفعون الثمن هم الأكثرية من الأبرياء، إذ يتم سفك دماء شعب شقيق دون أن يعترض أحد.

ملايين السوريين تم هدم منازلهم وتشريدهم في الداخل والخارج، فوق ما تعرض له الأطفال من صدمات مروعة ستبقى محفورة في ذاكرتهم، في ظل واقع دولي لا يبذل المطلوب لإيقاف هذه المذابح، بل هو أقرب إلى دور المتفرج، في حين أنه في ملفات أخرى ولأبسط الأسباب يقيم الدنيا ولا يُقعدها.

ما ذنب الشعب ليدفع هذه الكلفة الباهظة لحرب تديرها أطراف إقليمية ودولية حسب مصالحها، ونحن نعرف أن أغلبية السوريين ليسوا طرفاً في الصراع بين النظام وبعض من معارضيه، وهذا التطاحن الدموي كما هو ظاهر تتنزل فاتورته على من لا حول لهم ولا قوة، والذين ليسوا طرفاً في حرب العواصم في سوريا، ولم يكونوا يوماً سبباً في هذه الفوضى الدموية.

قتل السوريين بالأسلحة الكيماوية وبالقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين، وهدم مئات البيوت على قاطنيها دون رحمة، مع التدمير الشامل لكل البنى الاقتصادية، ثم بعد ذلك التشظية الاجتماعية وإثارة المكونات الوطنية على بعضها، كلها نتائج لهذه الفوضى التي وصلت إلى حد ما رأيناه قبيل يومين في الغوطة الشرقية، التي يعلن النظام أنها المعقل الأقرب للعاصمة، وباتت مركزاً للمعارضة المسلحة، وتحت هذا العنوان تتم استباحتها.

السؤال الذي لا يجيب عنه أحد: هل من فائز في كل هذه الفوضى؟! فحتى لو توقفت الحرب تماماً، وأعلن النظام انتصاره الكامل، فهو يجلس بهذا الانتصار الموهوم فوق كومة من الأشلاء البشرية من أبناء شعبه وفوق ركام دولة، فكيف يصح لحظتها أن يعلن النصر، والأمر غير بعيد عن فصائل المعارضة التي لا يمكن لها كذلك أن تدعي الانتصار، مادام أن كل أطراف النزاع حوّلت سوريا إلى مقبرة كبرى.

لقد آن الأوان أن يقف العالم بقوة ضد ما يجري في سوريا، وأن تتوقف مذابح المدنيين، فالشعب المسفوك الدم تعب من المماطلة والحديث عن حلول سياسية أو عسكرية، فيما المذبحة تتواصل، والأفق مسدود، والقوى الطامعة تستفرد بالقرار، وكل طرف يستدعي من المبررات ما يستند إليه لإدامة هذه الحرب.

إن بلاء التطرف من جهة أخرى وجماعاته وداعميه أدى دوراً خطراً في منح النظام السوري المبررات من أجل استمرار الأزمة، وهذه الجماعات الإرهابية منحت العذر لكل ما يجري، باعتبار أن العالم يجمع على أهمية استئصال وجودهم، وإذ بهم هنا يتحولون إلى جماعات تتسبب في مد النظام بمزيد من التبريرات والقوة، باعتباره يخوض حرباً ضد التطرف.
الغوطة الشرقية ستبقى علامة تضاف إلى سجل أدلة جرائم الحرب في سوريا، وهي طعنة للضمائر الساكتة عن هذه المجازر.

المصدر : جريدة البيان

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مذابح الغوطة العالم يتفرج مذابح الغوطة العالم يتفرج



GMT 08:28 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ما مفاجأة ترامب المقبلة…

GMT 06:39 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

خسارة الروس في سوتشي

GMT 06:16 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

وضوح ليس بعده وضوح في لبنان

GMT 07:34 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله

GMT 01:29 2017 السبت ,26 آب / أغسطس

سوريا تخرج من محنتها!

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia