ليبراليون أم ديمقراطيون

ليبراليون أم ديمقراطيون؟

ليبراليون أم ديمقراطيون؟

 تونس اليوم -

ليبراليون أم ديمقراطيون

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

الخلط بين الليبرالية والديمقراطية من الأخطاء الشائعة فى العالم، فما بالنا بالعالم العربى الذى يقل وجودهما، بل يندر، فى بلدانه0 وكثيرة أسباب هذا الخلط الذى يعود، قبل كل شىء، إلى أن بعض الأفكار والقيم الليبرالية مهمة للديمقراطية، مثل الحرية السياسية، والتعددية، وقبول الآخر، والتسامح، والاختيار الحر.

وهذا هو ما اصطلح على تسميته ثقافة الديمقراطية. ولكن فى الليبرالية أفكاراً وقيماً مهمة للرأسمالية (مثل الحرية الاقتصادية)، والعلمانية (مثل حرية الاعتقاد، والحريات الثقافية عموماً) أيضاً. ولا يعنى ذلك أن الليبرالية هى الديمقراطية، أو أنها هى الرأسمالية، أو أنها والعلمانية سواء. الليبرالية أفكار وفلسفات وقيم ومبادئ، بينما الديمقراطية إجراءات وترتيبات ومؤسسات وتفاعلات.

الليبرالية أقدم تاريخياً من الديمقراطية. بدأت إرهاصات الليبرالية فى القرن الخامس عشر خلال عصر النهضة الأوروبية، ثم توسع نطاقها فى عصر التنوير فى القرن الثامن عشر. عمر الديمقراطية أقصر، إذ يصعب أن نجد لها أساساً قوياً قبل بداية القرن التاسع عشر، حين بدأ تطورها فى ارتباط وثيق مع حصول البرلمانات القليلة التى كانت موجودة فى بعض البلدان على صلاحيات رقابية وتشريعية.

تختلف الليبرالية والديمقراطية، إذن، فى مسارهما التاريخى، كما فى طبيعتهما. الليبرالية أسبق من الديمقراطية. والليبرالية تتعلق بالأفكار والقيم، بينما تتجلى الديمقراطية فى إجراءات ومؤسسات.

الليبرالية, بشىء من الاختزال، منهج أخذ البشر إلى مساحات أرحب بكثير مما بقوا فيه على مر تاريخهم، ومازال كثير منهم محبوسين فيها يبحثون عن خلاص فى عقائد مطلقة دينية أو قومية، أو فى انتماءات أولية. إنها ذلك المنهج الذى ينطلق من قدرة الإنسان على تغيير العالم حين يتحرر عقله من الكوابح التى تعطل التفكير والإبداع والابتكار.

والديمقراطية فى المقابل، وبشىء من الاختزال أيضاً، نظام سياسى أخذ البشر الذين يعرفونه إلى مساحات أرحب أيضاً، وأتاح لهم اختيار ممثليهم فى مختلف المستويات، من خلال عملية تنافسية تتبارى فيها أحزاب ومنظمات وأفراد وفق محددات إجرائية يضعها الدستور والقانون فى كل بلد، وضمن قواعد تحدد العلاقة بين مؤسسات النظام السياسى. فهل يعنى ذلك أنك يمكن أن تكون ديمقراطياً، دون أن تصبح ليبرالياً؟ سؤال مهم نبقى معه فى اجتهادات غداً.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبراليون أم ديمقراطيون ليبراليون أم ديمقراطيون



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia